Wednesday, May 1, 2013

يأجوج ومأجوج

يأجوج ومأجوجد




 


هم من ذرية آدم بلا خلاف نعلمه ثم الدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من طريق الأعمش


 


عن أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى يوم القيامة


 


يا آدم قم فابعث بعث النار من ذريتك فيقول يا رب وما بعث النار فيقول من كل


 


ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار واحد إلى الجنة فحينئذ يشيب الصغير


 


وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله


 


شديد قالوا يا رسول الله أينا ذلك الواحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم


 


ابشروا فإن منكم واحدا ومن يأجوج ومأجوج ألفا وفي رواية فقال ابشروا فإن فيكم أمتين


 


ما كانتا في شيء إلا كثرتاه أي غلبتاه كثرة وهذا يدل على كثرتهم وانهم أضعاف الناس


 


مرارا عديدة ثم هم من ذرية نوح لأن الله تعالى أخبر أنه استجاب لعبده نوح في دعائه على


 


أهل الأرض بقوله رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا وقال تعالى فأنجيناه وأصحاب السفينة


 


وقال جعلنا ذريته هم الباقين وتقدم في الحديث المروي في المسند والسن أن نوحا ولد له ثلاثة


 


وهم سام وحام ويافث فسام أبو العرب وحام أبو السودان ويافث أبو الترك فيأجوج ومأجوج طائفة


 


من الترك وهم مغل المغول وهم أشد بأسا وأكثر فسادا من هؤلاء ونسبتهم إليهم كنسبة هؤلاء


 


إلى غيرهم وقد قيل إن الترك إنما سموا بذلك حين بنى ذو القرنين السد والجأ يأجوج ومأجوج إلى


 


ما وراءه فبقيت منهم طائفة لم يكن عندهم كفسادهم فتركوا من ورائه فلهذا قيل لهم الترك


 


ومن زعم أن يأجوج ومأجوج خلقوا من نطفة آدم حين احتلم فاختلطت بتراب فخلقوا من ذلك


 


وانهم ليسوا من حواء فهو قول حكاه الشيخ أبو زكريا النواوي في شرح مسلم وغيره


 


وضعفوه وهو جدير بذلك إذ لا دليل عليه بل هو مخالف لما ذكرناه من أن جميع الناس


 


اليوم من ذرية نوح بنص القرآن وهكذا من زعم أنهم على أشكال مختلفة وأطوال


 


متباينة جدا فمنهم من هو كالنخلة السحوق ومنهم من هو غاية في القصر ومنهم


 


من يفترش أذنا من أذنيه ويتغطى بالأخرى فكل هذه أقوال بلا دليل ورجم بالغيب


 


بغير برهان والصحيح أنهم من بني آدم وعلى أشكالهم وصفاتهم وقد قال


 


النبي صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا ثم لم يزل


 


الخلق ينقص حتى الآن وهذا فيصل في هذا الباب وغيره وما قيل من أن أحدهم


 


لا يموت حتى يرى من ذريته ألفا فإن صح في خبر قلنا به والا فلا نرده إذ يحتمله


 


العقل والنقل أيضا قد يرشد اليه والله أعلم بل قد ورد حديث مصرح بذلك ان صح قال


 


الطبراني حدثنا عبدالله بن محمد بن العباس الأصبهاني حدثنا أبو مسعود أحمد بن


 


الفرات حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا المغيرة عن مسلم عن أبي اسحاق عن وهب


 


بن جابر عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان يأجوج ومأجوج


 


من ولد آدم ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معائشهم ولن يموت منهم رجل إلا ترك


 


من ذريته الفا فصاعدا وان من وارئهم ثلاث أمم تاويل وتاريس ومنسك وهو حديث غريب


 


جدا وإسناده ضعيف وفيه نكارة شديدة وأما الحديث الذي ذكره ابن جرير في تاريخه أن


 


رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب اليهم ليلة الإسراء فدعاهم إلى الله فامتنعوا


 


من اجابته ومتابعته وأنه دعا تلك الأمم التي هناك تاريس وتاويل ومنسك فأجابوه فهو


 


حديث موضوع اختلقه أبو نعيم عمرو بن الصبح أحد الكذابين


 


الكبار الذين اعترفوا بوضع الحديث والله أعلم


 


 


فإن قيل فكيف دل الحديث المتفق عليه أنهم فداء المؤمنين يوم القيامة وأنهم


 


في النار ولم يبعث اليهم رسل وقد قال الله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث


 


رسولا فالجواب أنهم لا يعذبون إلا بعد قيام الحجة عليهم والأعذار اليهم كما قال تعالى


 


وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فإن كانوا في زمن الذي قبل بعث محمد صلى الله


 


عليه وسلم قد أتهم رسل منهم فقد قامت على أولئك الحجة وان لم يكن قد بعث


 


الله اليهم رسلا فهم في حكم أهل الفترة ومن لم تبلغه الدعوة وقد دل الحديث المروي


 


من طرق عن جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من كان كذلك


 


يمتحن في عرصات القيامة فمن أجاب الداعي دخل الجنة ومن أبى دخل النار وقد أوردنا


 


الحديث بطرق وألفاظه وكلام الأئمة عليه عند قوله وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وقد


 


حكاه الشيخ أبو الحسن الأشعري اجماعا عن أهل السنة والجماعة وامتحانهم لا يقتضي


 


نجاتهم ولا ينافي الأخبار عنهم بأنهم من أهل النار لأن الله يطلع رسوله صلى الله عليه


 


وسلم على ما يشاء من أمر الغيب وقد اطلعه على أن هؤلاء من أهل الشقاء وأن سجاياهم


 


تأبى قبول الحق والانقياد له فهم لا يجيبون الداعي إلى يوم القيامة فيعلم من هذا أنهم


 


كانوا أشد تكذيبا للحق في الدنيا لو بلغهم فيها لأن في عرصات القيامة ينقاد خلق ممن كان


 


مكذبا في الدنيا فايقاع الإيمان هناك لما يشاهد من الأهوال أولى وأحرى منه في


 


الدنيا والله أعلم كما قال تعالى ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا ابصرنا


 


وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون وقال تعالى أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا وأما الحديث


 


الذي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاهم ليلة الإسراء فلم يجيبوا


 


فإنه حديث منكر بل موضوع وضعه عمرو بن الصبح


 


 


وأما السد فقد تقدم أن ذا القرنين بناه من الحديد والنحاس وساوى به الجبال الصم الشامخات


 


الطوال فلا يعرف على وجه الأرض بناء أجل منه ولا أنفع للخلق منه في أمر دنياهم قال البخاري


 


وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم رأيت السد قال وكيف رأيته قال مثل البرد المحبر فقال


 


رأيته هكذا ذكره البخاري معلقا بصيغة الجزم وأره مسندا من وجه متصل أرتضيه غير أن ابن جرير


 


رواه في تفسيره مرسلا فقال حدثنا بشر حدثنا يزيد حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أن رجلا قال


 


يا رسول الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج قال انعته لي قال كالبرد


 


المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء قال قد رأيته


 


وقد ذكر أن الخليفة الواثق بعث رسلا من جهته وكتب لهم كتبا إلى الملوك يوصلونهم


 


من بلاد الى بلاد حتى ينهوا إلى السد فيكشفوا عن خبره وينظروا كيف بناه ذو القرنين


 


على أي صفة فلما رجعوا أخبروا عن صفته وأن فيه بابا عظيما وعليه أقفال وأنه بناء محكم


 


شاهق منيف جدا وأن بقية اللبن الحديد والآلات في برج هناك وذكروا أنه لا يزال هناك حرس


 


لتلك الملوك المتاخمة لتلك البلاد ومحلته في شرقي الأرض في جهة الشمال في زاوية الأرض


 


الشرقية الشمالية ويقال أن بلادهم متسعة جدا وانهم يقتاتون بأصناف من المعايش من حراثة


 


وزراعة واصطياد من البر ومن البحر وهم أمم وخلق لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم فإن قيل


 


فما الجمع بين قوله تعالى فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا وبين الحديث الذي


 


رواه البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها قالت استيقظ


 


رسول الله صلى الله عليه وسلم من نوم محمرا وجهه وهو يقول لا إله إلا الله ويل للعرب


 


من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق تسعين قلت يا


 


رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث وأخرجاه في الصحيحين من حديث


 


وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم


 


فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وعقد تسعين فالجواب أما على قول من ذهب


 


إلى أن هذا اشارة إلى فتح أبواب الشر والفتن وان هذا استعارة محضة وضرب مثل فلا


 


اشكال واما على قول من جعل ذلك اخبارا عن أمر محسوس كما هو الظاهر المتبادر


 


فلا اشكال أيضا لأن قوله فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا أي في ذلك


 


الزمان لأن هذه صيغة خبر ماض فلا ينفي وقوعه فيما يستقبل بإذن الله لهم في ذلك


 


قدرا وتسليطهم عليه بالتدريج قليلا قليلا حتى يتم الأجل وينقضي الأمر المقدور


 


فيخرجون كما قال الله تعالى وهم من كل حدب ينسلون ولكن الحديث الآخر اشكل


 


من هذا وهو ما رواه الإمام أحمد في مسنده قائلا حدثنا روح حدثنا سعيد بن أبي عروبة


 


عن قتادة حدثنا أبو رافع عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان


 


يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي


 


عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا فيعودون اليه كاشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد


 


الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم


 


ارجعوا فستحفرون غدا إن شاء الله ويستثني فيعودون اليه وهو كهيئة يوم تركوه


 


فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه وتتحصن الناس في حصونهم


 


فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع وعليها كهيئة الدم فيقولون قهرنا أهل الأرض


 


وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا في اقفائهم فيقتلهم بها قال رسول الله


 


صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن


 


وتشكر شكرا من لحومهم ودمائهم ورواه أحمد أيضا عن حسن بن موسى عن


 


سفيان عن قتادة به وهكذا رواه ابن ماجه من حديث سعيد عن قتادة الا أنه قال


 


حديث أبو رافع ورواه الترمذي من حديث أبي عوانة عن قتادة به ثم قال غريب لا نعرفه


 


إلا من هذا الوجه فقد أخبر في هذا الحديث أنهم كل يوم يلحسونه حتى يكادوا ينذرون


 


شعاع الشمس من ورائه لرقته فإن لم يكن رفع هذا الحديث محفوظا وانما هو


 


مأخوذ عن كعب الأحبار كما قاله بعضهم فقد استرحنا من المؤنة وان كان محفوظا


 


فيكون محمولا على أن ضيعهم هذا يكون في آخر الزمان عند اقتراب خروجهم كما


 


هو المروي عن كعب الأحبار أو يكون المراد بقوله وما استطاعوا له نقبا أي نافذا منه


 


فلا ينفي أن يلحسوه ولا ينفذوه والله أعلم وعلى هذا فيمكن الجمع بين هذا وبين


 


ما في الصحيحين عن أبي هريرة فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل


 


هذه وعقد تسعين أي فتح فتحا نافذا فيه والله أعلم



Share Button

يأجوج ومأجوج

No comments:

Post a Comment