Sunday, June 30, 2013

قصة بخل وراثى

قصة بخل وراثى


يحكى أن أحدهم نزل ضيفاً على صديق له من البخلاء


وما أن وصل الضيف حتى نادى البخيل ابنه


وقال له: يا ولد عندنا ضيف عزيز على قلبي فاذهب واشترى لنا نصف كيلو لحم من أحسن لحم. ذهب الولد وبعد مدة عاد ولم يشترى شيئاً


فسأله أبوه: أين اللحم؟


فقال الولد: ذهبت إلى الجزار


وقلت له: أعطنا أحسن ما عندك من لحم.


فقال الجزار: سأعطيك لحماً كأنه الزبد.


قلت لنفسي : إذا كان كذلك فلماذا لا أشتري الزبد بدل اللحم. فذهبت إلى البقال


وقلت له: أعطنا أحسن ما عندك من الزبد.


فقال: أعطيك زبداً كأنه العسل.


فقلت: إذا كان الأمر كذلك فالأفضل أن أشتري عسلاً


فذهبت إلى بائع العسل


وقلت: أعطنا أحسن ما عندك من العسل.


فقال الرجل: أعطيك «عسلاً» كأنه الماء الصافي


فقلت لنفسي: إذا كان الأمر كذلك، فعندنا ماء صافٍ في البيت. وهكذا عدت دون أن أشتري شيئاً.


قال الأب: يالك من صبي شاطر. ولكن فاتك شيء.


لقد استهلكت حذاءك بالجري من دكانٍ إلى دكان.


فأجاب الابن : لا يا أبي.. أنا لبست حذاء الضيف!!



Share Button

قصة بخل وراثى

الصبي و الآيس كريم

الصبي و الآيس كريم


دخل صبي يبلغ من العمر عشر سنوات الي مقهي


وجلس علي الطاوله


فوضعت الجرسونة كأساً من الماء أمامه


… فسأل الصبي : بكم الآيس كريم بالكاكاو؟


أجابته : بخمســة دولارات


فأخرج الصبي يده من جيبه وأخذ يعد النقود فسألها مره


أخري حسنا


وبكم الآيس كريم لوحده فقط بدون كاكاو؟


في هذه الأثناء كان هناك الكثير من الزبائن ينتظرون خلو طاولة في المقهى للجلوس


عليها , فبدأ صبر الجرسونة بالنفاذ


فأجابته بفظاظه: بـ أربعــة دولارات


فعد الصبي نقوده وقال سآخذ الآيس كريم العادي


أنهى الصبي الآيس كريم ودفع حساب الفاتورة وغادر المقهى


وعندما عادت الجرسونة إلى الطاولة


إغرقت عيناها بالدمــوع أثناء مسحها للطاوله


لقد حــرم الصبي نفسه الآيس كريم بالكاكاو


حتى يوفر لنفسه دولاراً يكرم به الجرسونة.


كثيراً ما نقع في حرج أو نتسبب في شحن النفس تجاه أناس آخرين يحملون لنا الكثير


من الحب والتقدير


الفرق كبير جدا بين البخل والفقر


من الممكن أن تكون أكرم الناس ولكن


الفقر يجعلك في نظــر بعض الناس بخيل.


لا تقيم الناس بمظاهرهم و فقرهم.. ولكن قيمهم باخلاقهم ومدى تقديرهم لك



Share Button

الصبي و الآيس كريم

راعى الغنم و الخمسة دراهم

راعى الغنم و الخمسة دراهم


يحكى أن رجلاً بسيطاً كان يرعى غنماً لأحد الأغنياء ويأخذ أجرته يومياً بمقدار خمسة دراهم ، وفي أحد الأيام جآء الغني إلى الراعي ليخبره أنه قد قرر بيع الغنم لأنه يود السفر وبالتالي فقد استغنى عن خدماته وأراد مكافأته فأعطاه مبلغاً كبيراً من المال غير أن الراعي رفض ذلك وفضل أجره الزهيد الذي تعود أن يأخذه مقابل خدمته كل يوم والذي يرى بأنه تمثل مقدار جهده..


وأمام اندهاش الغني واستغرابه أخذ الراعي الخمسة دراهم وقفل عائداً إلى بيته ، ظل بعدها يبحث عن عمل ولكنه لم يوفق وقد احتفظ بالخمسة دراهم ولم يصرفها أملاً في أن تكون عوناً له يوماً من الأيام ..


وكان هناك في تلك القرية رجل تاجر يعطيه الناس أمولاً فيسافر بها ليجلب لهم البضائع وعندما حان موعد سفره أقبل عليه الناس كالمعتاد يعطونه الأموال ويوصونه على بضائع مختلفة فكر الراعي في أن يعطيه الخمسة دراهم عله يشتري له بها شيئاً ينفعه ، فحضر في من حضروا وعندما أنصرف الناس عن التاجر أقبل عليه الراعي وأعطاه الخمسة دراهم سخر التاجر منه وقال له ضاحكاً : ماذا سأحضر لك بخمسة دراهم؟


فأجابه الراعي: خذها معك وأي شيء تجده بخمسة دراهم أحضره لي .


استغرب التاجر وقال له : إني ذاهبٌ إلى تجار كبار لا يبيعون شيئاً بخمسة دراهم هم يبيعون أشياء ثمينة .


غير أن الراعي أصر على ذلك وأمام إصراره وافق التاجر،..


ذهب التاجر في تجارته وبدأ يشتري للناس ما طلبوه منه كلٌ حسب حاجته وعندما انتهى وبدأ يراجع حساباته لم يتبقى لديه سوى الخمسة دراهم التي تعود للراعي ولم يجد شيئاً ذا قيمة يمكن أن يشتريه بخمسة دراهم سوى قط سمين كان صاحبه يبيعه ليتخلص منه فأشتراه التاجر وقفل راجعاً إلى بلاده ..


وفي طريق عودته مر على قرية فأراد أن يستريح فيها وعندما دخلها لاحظ سكان القرية القط الذي كان بحوزته فطلبوا منه أن يبيعهم إياه واستغرب التاجر اصرار أهل القرية على ضرورة أن يبيعهم القط فسألهم فأخبروه بأنهم يعانون من كثرة الفئران التي تأكل محاصيلهم الزراعية ولا تبقي عليهم شيئاً وأنهم منذ مدة يبحثون عن قط لعله يساعدهم في القضاء عليها وأبدوا له استعدادهم بشراء القط بوزنه ذهباً وبعد أن تأكد التاجر من صدق كلامهم وافق على أن يبيعهم القط بوزنه ذهباً وهكذا كان ..


عاد التاجر إلى بلاده وأستقبله الناس وأعطى كل واحدٍ منهم أمانته حتى جآء دور الراعي فأخذه التاجر جانباً واستحلفه بالله أن يخبره عن سر الخمسة دراهم ومن أين تحصل عليها استغرب الراعي من كلام التاجر ولكنه حكى له القصة كاملة عندها أقبل التاجر يقبل الراعي وهو يبكي ويقول بأن الله قد عوضك خيراً لأنك رضيت برزقك الحلال ولم ترضى زيادة على ذلك وأخبره القصة وأعطاه الذهب فرح الراعي كثيراً وحمد الله تعالى …



Share Button

راعى الغنم و الخمسة دراهم

Saturday, June 29, 2013

ذكاء خارق

ذكاء خارق



ذهب رجل لبناني الى بنك في مدينة نيويورك وطلب مبلغ 5000 دولار كإعارة من البنك. يقول انه يريد السفر الى اوروبا لقضاء بعض الأعمال. البنك طلب من اللبناني ضمانات لكي يعيد المبلغ، لذا فقد سلم اللبناني مفتاح سيارة الرولزرويز الى البنك كضمان مالي!!


رجل الأمن في البنك قام بفحص السيارة وأوراقها الثبوتية ووجدها سليمة،،وبهذا قبل البنك سيارة الرولز رويز كضمان.


رئيس البنك والعاملون ضحكوا كثيرا من الرجل ، لإيداعه سيارته الرولز رويز والتي تقدر بقيمة 250000 دولار كضمان لمبلغ مستدان وقدره 5000 دولار. وقام احد العاملين بإيقاف السيارة في مواقف البنك السفلية.


 


بعد اسبوعين، عاد اللبناني من سفره وتوجه الى البنك وقام بتسليم مبلغ 5000 دولار مع فوائد بقيمة 15.41 دولار.


 


مدير الإعارات في البنك قال: سيدي، نحن سعداء جدا بتعاملك معنا، ولكننا مستغربين أشد الإستغراب!! لقد بحثنا في معاملاتك وحساباتك وقد وجدناك من أصحاب الملايين! فكيف تستعير مبلغ وقدرة 5000 دولار وأنت لست بحاجة إليها؟؟ رد الرجل وهو يبتسم :


 


سيدي، هل هناك مكان في مدينة نيويورك الواسعة أستطيع إيقاف سيارتي الرولزرويز بأجرة 15.41 دولار دون ان اجدها مسروقة بعد مجيئي من سفري؟؟؟؟؟؟؟



Share Button

ذكاء خارق

إلى متى ستبقى مخطآ؟

إلى متى ستبقى مخطآ؟



كان هناك ولد صغير يزور بيت جده وجدته بالمزرعة

أُعطي بندقية لكى يلعب بها فى الغابة

كان يلعب ويصوب على الأشجار

ولكن لم يُصيب أي هدف

أحس بالإحباط وذهب إلى البيت للعشاء

وهو بطريقه للمنزل وجد بطة جدته المدللة


وهكذا من باب الفضول أو الأمانى

صوب بندقيته عليها وأطلق النار

وأصابها برأسها فقتلها وقد صدم وحزن

وفى لحظة رعب أخفى البطة بين الأحراش


أخته سالي شهدت كل شيء

لكنها لم تتكلم بكلمة


بعد الغذاء في اليوم الثاني ، قالت الجدة

هيا يا سالي لنغسل الصحون

ولكن سالي ردت

جدتي جوني قال لي أنه يريد أن يساعد بالمطبخ

ثم همست بإذنه تتذكر البطة ؟

وفي نفس اليوم سأل الجد


إن كان يحب الأولاد أن يذهبوا معه للصيد

ولكن الجدة قالت : أنا آسفة

ولكنني أريد من سالي أن تساعدني بتحضير العشاء


فابتسمت سالي وقالت : لا مشكلة

لأن جوني قال لي أنه يريد المساعدة

وهمست بإذنه مرة ثانية : أتتذكر البطة ؟

فذهبت سالي إلى الصيد وبقي جوني للمساعدة


بعد بضعة أيام

كان جوني يعمل واجبه وواجب سالي

لكن لم يستطع الاحتمال أكثر

فذهب إلى جدته واعترف لها

بأنه قتل بطتها المفضلة


جثت الجدة على ركبتيها ، وعانقته ثم قالت

حبيبي أعلم كنت أقف على الشباك ورأيت كل شي

ولكن لأني أحبك سامحتك


وكنت فقط أريد أن أعلم إلى متى ستحتمل أن تكون

عبدا لسالي والشيطان والخوف


نعم وأيضاً أنتَ وأنتِ فكروا


ماذا فعلت في ماضيك ليبقيك الشيطان عبداً له

مهما كان يجب أن تعلم

أن الله موجود وهو يراك

ويريدك أن تتأكد أنه يحبك


ولكنه ينتظر ليعلم

إلى متى ستبقى عبداً للشيطان ؟



Share Button

إلى متى ستبقى مخطآ؟

الرهاب


الرُّهابُ نوعٌ من أنواع اضطرابات القَلَق. وهو خَوفٌ شَديد غير عقلاني من أشياء تُشَكِّل خطراً طفيفاً أو لا تُشكِّل أيَّ خطرٍ على الإطلاق. وهناك أنواع كثيرة من الرُّهاب، كرُهاب المرتفعات مثلاً، حيث يكون الشخصُ قادراً على التَّزَلُّج فوق أعلى الجبال، لكنَّه يخاف تجاوُز الطابق الخامس في أحد الأبنية. وهناك رُهابُ الأماكن العامَّة ورُهاب الأماكن المُغلَقة. وإذا كان المرءُ يشعر بالقلق والتَّوَجُّس في المواقف الاجتماعية اليومية، فقد يكون مُصاباً برُهاب المجتمع. ومن أشكال الرُّهاب الشَّائعة الأخرى رُهابُ الأنفاق، ورُهابُ القيادة على الطرق السريعة، ورُهاب المياه، ورُهاب الطيران، ورُهاب الحيوانات، ورُهاب الدم. يحاوِل المُصابُ بالرُّهاب أن يتجنَّب الشيءَ الذي يُخيفه. وإذا لم يستطع ذلك فقد يُعاني من: • الخوف والهَلَع. • تسرُّع دقَّات القلب. • ضيق النَّفَس. • الارتعاد. • رغبة شديدة في الهرب. تساعد المعالجةُ معظمَ الأشخاص المُصابين بالرُّهاب، وقد تعتمد على الأدوية أو المعالَجة غير الدوائية، أو على الاثنتين معاً.


مقدِّمة


الرُّهابُ نوعٌ من أنواع اضطرابات القَلَق. وهو خَوفٌ شَديد غير عقلاني من أشياء تُشَكِّل خطراً طفيفاً أو لا تُشكِّل أيَّ خطر على الإطلاق. وهناك أنواع كثيرة من الرُّهاب، كرُهاب المرتفعات ورُهاب الأماكن العامَّة. يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم الرُّهاب. وهو يتناول أعراضَه وأسبابَه وتشخيصَه ومُعالجَتَه.


الرُّهاب


الرُّهابُ نوعٌ من أنواع اضطرابات القَلَق. وهو خَوفٌ شَديد غير عقلاني من أشياء تُشَكِّل خطراً طفيفاً أو لا تُشكِّل أيَّ خطر على الإطلاق. يُسبِّب الرُّهابُ خوفاً يزيد كثيراً على القلق العابِر الذي يحِسَّه الإنسان عندما يتعرَّض لوضع مخيف أو لحالة تُسبِّب التوتُّر. يكون الخوفُ الناجِم عن الرُّهاب شديداً، ويستمر وقتاً غَير قليل. ومن الممكن أن يُقلِّل من قُدرة الشخص على النجاح في عمله أو في مُحيطِه الاجتماعي. تنقسم أنواعُ الرُّهاب إلى ثلاث فئات:


أنواع الرُّهاب المُحدَّدَة.
رُهاب المجتمع.
رُهاب الأماكن العامَّة أو الأماكن المَفتوحة.


الرُّهابُ المحَدَّد هو رُهابٌ بسبب شيء محدَّد أو وضع محدَّد؛ فمثلاً، يكون لدى الشخص المُصاب برُهاب الأماكن المغلَقَة خوفٌ من أيِّ حيِّزِ مُغلق. وهناك من لديه رُهابُ العَناكِب أيضاً. كما أنَّ هناك أنواعاً كثيرة من أشكال الرُّهاب المُحدَّدة. رُهابُ المجتمع هو خوفٌ من الناس. وهو خوف يتجاوَز مشكلةَ الخَجَل، حيث يجعل الإنسانَ شديدَ الانغلاق على نفسه، لأنَّه يخاف أن يتعرَّضَ إلى الإهانة أو الانتقاد أمام الآخرين. كما يخاف المُصابُ بهذا الرُّهاب من قيام الآخرين بتقييمه على نحوٍ سلبي. هناك رُهابُ الأماكن المفتوحة أو العامَّة. وهو يتطوَّر عادةً بعد أن يتعرَّض الشخصُ إلى نوبة أو أكثر من نوبات الهَلَع. يخشى الشخصُ في هذه الحالة أن يوجَدَ في مكان يصعُب الهربُ منه إذا داهمته نوبة هَلَع، وذلك من قبيل المِصعَد أو السوق التجاري المُغلَق أو الغُرَف المُزدَحمة أو الأماكن المُتَّسِعة المفتوحة. يحاول المُصابُ بالرُّهاب عادةَ تفادي ما يُسبِّب له الخوف. وإذا لم يستطع الهَرَب، فمن الممكن أن تنشأَ لديه ردود أفعال جسَديَّة ونفسية شديدة، من بينها تسرُّعُ ضربات القلب وقِصَر النَّفَس والهَلَع الشديد. يمكن أن يسبِّبَ الرُّهابُ مشكلاتٍ تسيء إلى كثير من جوانب مريض الرُّهاب. ومن المضاعفات التي يسبِّبها الرُّهاب:


العُزلة الاجتماعية.


الاكتئاب.


سوء استخدام المواد أو العقاقير.



الأعراض


يستجيب الناسُ للرُّهاب بطرقٍ متشابهة. وتتناول المقاطعُ التالية الأعراضَ التي ترتبط بالرُّهاب عادةً. يشعر مريضُ الرُّهاب بقلقٍ لا يستطيع السيطرةَ عليه عندما يكون في مواجهة الشيء الذي يُسبِّب له الخوف. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يسبِّب رُهابُ الأماكن العامَّة خوفاً شديداً للمريض عند استخدام المِصعَد. يشعر الشخصُ المصاب بالرُّهاب أنَّه مُضطَّرٌّ إلى فعل كلِّ ما يستطيع لتجنُّب الشيء الذي يُسبِّب له الخوف؛ فمثلاً، يمكن أن يصعد المصابُ برُهاب الأماكن العامَّة عشرةَ طوابق على قدميه هرباً من استخدام المِصعَد العام. قد يجد المُصابون بالرُّهاب صعوباتٍ في التصرُّف والعمل على نحوٍ طبيعي بسبب قلقهم. وهذا ما يُمكن أن يُسبِّبَ لهم مُشكلاتٍ في العمل والحياة الاجتماعية. غالباً ما يُدرِك المصابُ بالرُّهاب أنَّ مخاوِفَه غير منطقيَّة، لكنَّه يشعر بانعدام القُدرة على ضَبطِها أو التحكُّم فيها. يُصبِح بعضُ المصابين بالرُّهاب خائفين أو مُتَوَتِّرين لمجرَّد التفكير في الشيء الذي يُخيفُهم. غالباً ما يعاني الطفلُ المُصاب بالرُّهاب من نوبات هَلَعٍ عندما يواجهه الشيءُ الذي يُخيفه. وقد يتعلَّق بأيِّ شخص كبير أو يلتصق به أو يبكي. تسبِّب أشكالُ الرُّهاب أعراضاً جسَديَّة أيضاً، من بينها:


تسرُّع دقَّات القلب.


التعَرُّق.


صُعوبة التنفُّس.



الأسبابُ وعوامل الخطورة


إنَّ السببَ الدقيق للرُّهاب غيرُ معروف. ولكن، يعتقد العُلماء أنَّه يُمكن أن يحدثَ بسبب مواد كيميائية مُحدَّدة في الدِّماغ، أو بسبب الوراثة، أو إصاباتٍ رضيَّة. لكن لابدَّ من مزيد من البحث والدراسة للتأكُّد من سبب حدوث الرُّهاب. رغم عدم معرفة الأسباب الدقيقة للرُّهاب، إلاَّ أنَّ هناك عدداً من عوامل الخُطورة التي ترتبط به. وعواملُ الخطورة هي تلك العواملُ التي يمكن أن تزيدَ احتمالات ظهور حالات طبِّية معيَّنة. لكنَّ توفُّرَ أحد عوامل الخطورة عند شخصٍ ما لا يعني أنَّ تلك الحالة الطبية سوف تظهر لديه بالتأكيد. يبدو أنَّ هناك صلةً بين الرُهاب لدى الشخص والرُّهاب الذي يعاني منه والداه. وقد “يتعلُّم” الطفلُ الرُّهابَ نتيجة رؤيته ردَّة فعل أحد أفراد أسرته إزاء شيء ما أو وضعٍ ما. يمكن أن يكونَ تعرُّضُ الشخص لتجربةٍ رَضيَّة واحداً من عوامل الخُطورة فيما يتعلَّق بظهور الرُّهاب لديه. وغالباً ما تنشأ أنواع محدَّدة من الرُّهاب عند الأشخاص الذين يعيشون تجربةً صعبة من قبيل الحوادث الجوِّية أو حوادث المناجم، بحيث يكون نوعُ الرُّهاب مرتبطاً بنوع تلك التجربة الرضيَّة. يعدُّ السِّنُّ أحدَ عوامل الخطورة المتعلِّقة بالرُّهاب، حيث ينشأ رُهابُ المجتمع قبل سن الخامسة والعشرين عادةً. وغالباً ما يبدأ ظُهورُ بعض أنواع الرُّهاب المتعلِّقة بالبيئة المُحيطة أو بإصابات شخصية منذ الطفولة، وقد يحدث ذلك منذ السنة الخامسة من العُمر. إن رهاب المصاعد والجسور والطيران وغيرها من أنواع الرهاب الأخرى المتعلقة بظرف معين، غالباً ما تنشأ في منتصف العشرينات من العمر. قد يكون جنسُ الإنسان واحداً من عوامل الخُطورة أيضاً. والظاهرُ أنَّ الإناث معَرَّضاتٌ للإصابة بالرُّهاب أكثر من الذُّكور. وهُنَّ مُعَرَّضات أكثر منهم للإصابة برُهاب الأماكن العامَّة المفتوحة. لكن من الممكن أن يكونَ الرجال أقلَّ من النساء ميلاً إلى الحديث صراحةً عن الرُّهاب الذي يعانون منه.


التشخيص


إذا ظنَّ الشخصُ أنَّه مُصابٌ بالرُّهاب، فإنَّ سُبُل المساعدة متوفِّرة من أجله. وعليه أوَّلاً أن يتحدَّثَ مع الجهة التي توفِّر له الرعايةَ الطبية الأوَّلية. وسوف تُحيلُه تلك الجهة، على الأرجَح، إلى طبيب متخصِّص في الرعاية الطبِّية النفسية إذا توفَّر ما يُشير إلى إصابته بالرُّهاب. حتَّى يُحقِّق الشخصُ أقصى فائدة من مقابلة الطبيب المتخصِّص، فإنَّ عليه أن يقومَ بما يلي:


تسجيل الأعراض التي يعاني منها.


تدوين ما يتعلَّق بأيَّة تغيُّرات طرأت مؤخَّراً على حياته أو بأيَّة حالات شِدَّة نفسية كبيرة مرَّ بها.


وضع قائمة بكلِّ الأدوية التي يتناولها، بما في ذلك الفيتامينات والمُتمِّمات.


يعتمد تشخيصُ الرُّهاب على المُقابَلة السَّريريَّة، حيث يقوم الطبيبُ بطرح عدد من الأسئلة. وهو يستخدم قواعد عامةً ليحدِّد ما إذا كانت الأعراضُ ناجِمةً عن الرُّهاب أو عن حالة طبِّية أخرى. قد يجري تشخيصُ الرُّهاب في الحالات التالية:


وجود خوف شديد دائم.


القلق عند مواجهة ما يسبِّب الخوف.


خوف يتميَّز بأنَّه مبالغ فيه وغير منطِقي.


كما يقوم الطبيبُ أيضاً بتقرير ما إذا كان:


المريض يتجنَّب ما يُسبِّب خوفه مهما كلَّفَه الأمرُ، أو أنَّه يتعرَّض بسببه إلى قلق وكَرَبٍ شديدين.


لا يمكن ردُّ الأعراض الموجودة إلى أيَّة حالة طبية أخرى.


لا يشكُّ الطبيبُ بوجود الرُّهاب عند الأطفال والمُراهقين إلاَّ إذا استمرَّت الأعراضُ ستَّةَ أشهر أو أكثر. قد لا يُدرك الطفلُ أنَّ مخاوِفَه غيرُ منطقية أو مبالغٌ فيها؛ لأنَّ الأطفال يفتقرون غالباً إلى القدرة على التمييز بين العواطف والمشاعر العاديَّة وغير العادية. يمكن أن تختلفَ المعاييرُ المستَخدَمة في التشخيص اختلافاً طفيفاً بحسب نوع الرُّهاب.


المعالجة


من المُستَبعَد أن تتحسَّنَ حالةُ الشخص المُصاب بالرُّهاب من غير اللجوء إلى نوع من أنواع المُعالجة. ويكون هدفُ المعالجة تخفيف القلق ومساعدة المريض على التحكُّم بردود أفعاله تجاه الموضوع أو الوضع الذي يُثير خوفه تحكُّماً أفضل. يشمل علاجُ الرُّهاب عادةً استخدامَ الأدوية والمعالجة السُّلوكيَّة، أو الاثنين معاً. الأدويةُ المُستخدَمة غالباً في معالجة الرُّهاب هي:


مُضادَّات الاكتِئاب.


المُهدِّئات.


حاصِرات بيتا.


لا يجوز أبداً بدءُ تناول أي دواء أو التوقُّف عن تناوله من غير استشارة الطبيب أوَّلاً. كما يجب الانتباهُ إلى أنَّ هناك أدوية لا تكون فعَّالة إلاَّ إذا تناولها المرءُ على نحوٍ منتَظِم. وقد تعود الأعراضُ من جديد عند إيقاف الدَّواء. قد يقترح الطبيبُ استخدامَ نوعٍ من أنواع المُعالجة السُّلوكية لمعالجة الرُّهاب. وغالباً ما تتألَّف المعالجةُ السُّلوكية في حالات الرُّهاب من إزالة التَّحَسُّس أو من المُعالجة بالتَّعَرُّض. إزالة التَّحَسُّس أو المُعالجة بالتَّعَرُّض هما نوعان من المعالجة يهدفان إلى تغيير طريقة الاستجابة إلى شيء أو وضع مُعيَّن يخشاه المريض. وعندَ استخدام هذا النوع من المعالجة، فإنَّ المريضَ يُعَرَّضُ على نحوٍ تدريجي إلى الشيء الذي يُسبِّب خوفه. ويجري ذلك عبر جلسات معالجَة كثيرة إلى أن يتعلَّمَ المريضُ كيف يسيطر على قلقه. تعدُّ المعالجةُ المعرفيّة السلوكية نوعاً آخر من أنواع المُعالجة المستَخدَمة في حالات الرُّهاب. وهي معالجةٌ أكثر شمولاً، لأنَّها تساعد المريض في السيطرة على أفكاره ومشاعره. كما يتعلَّم المريضُ أيضاً طُرقاً مختلفة من التفكير فيما يخصُّ مخاوِفه وتأثيراتِها في حياته. غالباً ما يعالَج رُهابُ المجتمع بمضادَّات الاكتئاب وحاصِرات بيتا. وهناك أنواعٌ محدَّدة من الرُّهاب تُعالَج عن طريق المعالجة السلوكية. كما يعالَج رُهابُ الأماكن العامَّة المفتوحة بنوعٍ من مضادَّات الاكتئاب وباستخدام المعالجة السلوكية. يمكن أن يتحدَّثَ المريضُ مع طبيبه لمعرفة السبيل الأفضل لمعالجة حالته. وهما يستطيعان أن يضعا معاً خطَّةً للتغلُّب على الرُّهاب.


الخلاصة


الرُّهابُ نوعٌ من أنواع اضطرابات القَلَق. وهو خَوفٌ شَديد غير عقلاني من أشياء تُشَكِّل خطراً طفيفاً أو لا تُشكِّل أيَّ خطر على الإطلاق. ويحاول الشخصُ المُصاب بالرُّهاب أن يتجنَّبَ الأشياء التي تُثير خوفه. أمَّا إذا لم يستطع ذلك، فقد يُعاني من ردود أفعالٍ جسدية ونفسية شديدة. يُسبِّب الرُّهابُ مُشكلاتٍ تؤثِّر تأثيراً سلبياً في كثير من جوانب حياة المريض. ويعدُّ الاكتئابُ والعُزلة الاجتماعية وإساءة استخدام المواد من بين تلك الآثار السلبية الناجمة عن الرُّهاب. إنَّ السببَ الدقيق للرُّهاب غير معروف. لكنَّه يُمكن أن يحدثَ بسبب مواد كيميائية مُحدَّدة في الدّماغ، أو بسبب الوراثة، أو إصاباتٍ رَضيَّة. عندَ البحث عن علاجٍ للرُّهاب، يجب أن يتحدَّثَ المرءُ أوَّلاً مع الجهة التي توفِّر له الرعايةَ الطبية الأوَّلية. وسوف تُحيلُه تلك الجهة، على الأرجَح، إلى طبيب متخصِّص في الرعاية الطبية النفسيَّة إذا توفَّر ما يُشير إلى إصابته بالرُّهاب. يعتمد تشخيصُ الرُّهاب على المُقابَلة السَّريريَّة. يقوم الطبيبُ بطرح عدد من الأسئلة. وهو يستخدم قواعد عامةً ليحدِّد ما إذا كانت الأعراض ناجِمةً عن الرُّهاب أو عن حالة طبِّية أخرى. تنجح المعالجةُ في مساعدة مُعظَم الأشخاص المصابين بالرُّهاب. وخيارات المعالجةُ هي المعالجة الدوائية أو غير الدوائية، أو الاثنتان معاً.



Share Button

الرهاب

Friday, June 28, 2013

أهم عشر نصائح للتغلب على التوتر النفسي

إذا كان الشخصُ عُرضةً للتوتُّر النَّفسي أو الشدَّة، سواءٌ من خِلال وظيفته أو لسببٍ شخصي آخر، فإنَّ الخطوةَ الأولى للشُّعور بما هو أفضل هي تحديد السَّبب.


إنَّ الشيءَ الأكثر ضرراً، والذي يمكن القيام به، هو اللجوءُ إلى شيءٍ غير صحِّي للمساعدة على التَّعامل مع هذا التوتُّر، مثل التدخين أو شرب الكحول؛ ففي الحياة، هناك دائماً حلٌّ للمشاكل. لكنَّ عدمَ السَّيطرة على الوضع، وعدم القيام بأيِّ شيء، من شأنه أن يُفاقم المشاكل.


تقوم مفاتيحُ السَّيطرة على التوتُّر بشكلٍ جيِّد على بناء القوَّة النفسية، والسيطرة على الوضع الرَّهن، ووجود شبكةٍ اجتماعية جيِّدة، وتبنِّي النَّظرة الإيجابية.


وفيما يلي أهم عشر طرق لمكافحة الشدَّة النفسية.


1. أن يكون المرءُ نشيطاً


إذا كان لدى الشخص مشكلةٌ ذات صلة بالتوتُّر النفسي، يمكن أن يُؤدِّي النشاطُ البدني إلى صفاء الحالة الذهنية والنفسية لديه، بحيث يكون قادراً على التعرُّف إلى أسباب التوتُّر لديه وإيجاد حَلٍّ لها؛ فالتَّعاملُ مع التوتُّر بشكلٍ فعَّال يحتاج إلى الشُّعور بالقوَّة النفسية والتَّماسك، وتساعد ممارسةُ التَّمارين الرياضيَّة غلى تحقيق ذلك.


لا تجعل ممارسةُ التَّمارين التوتُّرَ يختفي، ولكنَّها تقلِّل من بعض الشدَّة النفسيَّة التي يَشعر بها الشخص، وتُهذِّب الأفكار، ممَّا يتيح للمرء التَّعامل مع مشاكله بهدوء أكبر.


2. امتلاكُ السَّيطرة


مهما كانت الصعوبةُ التي قد تبدو عليها المشكلة، هناك حلٌّ دائماً. أمَّا التفكيرُ السَّلبي تجاهها (مثلاً، لا أستطيع أن أفعلَ أيَّ شيء تجاه مشكلتي)، فيجعل التوتُّرَ يزداد سوءاً، حيث إنَّ هذا الشعورَ بفقدان السَّيطرة هو أحد أهمِّ أسباب التوتُّر وفقدان الإحساس بالعافية.


إنَّ عمليَّةَ السيطرة هي في حدِّ ذاتها حالة من التَّمكين، وجزءٌ حاسم لإيجاد حلِّ يرضي الشخص.


3. التَّواصُلُ مع الناس


يعدُّ تشاركُ المشكلة مع الآخرين الطريقَ للتخلُّص من جزءٍ كبير منها، حيث يمكن تَخفيفُ مَتاعب العمل، والمساعدة على رؤية الأشياء بطريقةٍ مختلفة، من خِلال وجود شبكةٍ مساندة جيِّدة من الأصدقاء والزملاء والعائلة.


أمَّا إذا كان الشخصُ لا يتواصل مع الناس، فلن يكون لديه دعمٌ للانتقال إلى حيث يجد المساعدة؛ فالأنشطةُ التي نقوم به مع الأصدقاء تُساعدنا على الاسترخاء، حيث نَضحَك معهم في كثيرٍ من الأحيان ، وهذا كفيلٌ بتفريغ التوتُّر بطريقةٍ ممتازة.


كما أنَّ التحدُّثَ عن الأشياء مع أحد الأصدقاء سوف يساعد أيضاً على إيجاد حلول للمَشاكل.


4. إتاحةُ بعض الوقت للاسترخاء من العمل


تكون ساعاتُ العمل طويلة أحياناً؛ كما أنَّ ساعات العمل الإضافية تعني أنَّ الناس لا يقضون ما يكفي من الوقت للقيام بأشياء يستمتعون بها فعلاً. ولذلك، فنحن جميعاً بحاجة الى بعض الوقت للاسترخاء أو التَّواصل الاجتماعي أو ممارسة الرياضة.


يقترح بعضُ الخبراء تخصيصَ ليلتين في الأسبوع لمثل هذه الأنشطة بعيداً عن العمل، وبذلك يتجنَّب المرءُ العملَ الإضافي في هذين اليومين.


5. اكتسابُ مَلَكة التحدِّي


يمكن أن يضعَ الشخصُ لنفسه أهدافاً وتحدِّيات، سواءٌ في العمل أو خارجه، مثل تعلُّم لغة جديدة أو رياضة جديدة، فهذا يساعد على بناء الثِّقة، كما أنَّ من شأن ذلك أن يساعدَ على التعامل أو التكيُّف مع التوتُّر.


ومن خِلال التحدِّي المستمرِّ للنفس، يتعلَّم الشخصُ استباقَ الأشياء والسيطرة على مجريات حياته. ومع الاستمرار في التعلُّم، يصبح أكثرَ قدرةً على التكيُّف النفسي؛ فالتسلُّح بالمعرفة وامتلاك الرَّغبة بفعل الأشياء بدلاً من السلبيَّة، مثل مشاهدة التلفزيون طوالَ الوقت، أمرٌ كفيل بمواجهة المستجدَّات.


6. تَجنُّب العادات غير الصحِّية


لا يجوز اللجوءُ إلى التدخين والكحول والكافيين كوسيلة للتأقلم والتكيُّف. ويكون الرجالُ أكثرَ ميلاً من النِّساء للقيام بذلك عادة. ونحن نسمِّي هذا الأسلوبَ بسلوكَ التجنُّب avoidance behaviour. بينما تميل المرأةُ إلى الحصول على دعم من دائرتها الاجتماعية المحيطة بها.


وعلى المدى الطويل، لا تؤدِّي هذه الآلياتُ الخاطئة في التكيُّف والمواجهة إلى حلِّ المشاكل، بل تخلق مشاكلَ جديدةً أيضاً؛ وهي مثلُ وضعالرأس في الرمل، حيث قد توفِّر راحةً مؤقَّتة، لكنَّها لا تجعل المشاكلَ تختفي. ولابدَّ للمرء من معالجة مشكة التوتُّر.


7. اللجوءُ إلى العمل التطوُّعي


تُظهِر الأدلَّةُ أنَّ الناس الذين يُساعدون الآخرين، من خلال بعض الأنشطة مثل العمل التطوُّعي أو العمل المجتمعي، يُصبحون أكثرَ مرونة؛ فمساعدةُ الناس الذين يكونون في حالاتٍ أسوأ من غيرهم، في كثير من الأحيان، سوف تفيد في وضع مشاكل الشخص في منظورها الصَّحيح؛ فكلَّما أعطى المرء أكثر، أصبح أكثرَ مرونة وأكثرَ شعوراً بالسعادة.


ويمكن، وبشكل محدَّد أكثر، مساعدةُ شخص كلَّ يوم، حيث يمكن القيام بشيء ما صغير، مثل مساعدة شخص على عبور الطريق أو تقديمالقهوة للزملاء؛ فالمجاملاتُ لا تكلِّف شيئاً، وسوف يكون شعورُك بها على نحوٍ أفضل.


8. العملُ بذكاء أكثر وليس بشكل أصعب


الإدارةُ الجيِّدة للوقت تعني العملَ بمستوى متقدِّم من الجودة، وليس بكمِّية كبيرة. ولكنَّ ثقافةَ السَّاعات الطويلة من العمل هي سببٌ معروف للأمراض المهنيَّة. ولذلك، لابدَّ من تحقيق التَّوازن بين العمل والحياة التي تناسب الشخص.


إنَّ العملَ بذكاء أكير يعني تحديدَ أولويَّات العمل، مع التَّركيز على المهام التي من شأنها أن تُحدِث فرقا حقيقياً في الأداء المهني. ولذلك، يجب تركُ المهام الأقل أهمِّيةً إلى نهاية الدَّوام.


9. الحرصُ على الإيجابيَّة


لابدَّ من البحث عن الإيجابيَّات في الحياة، وعن الأشياء المسحبَّة. ولذلك، يمكن كتابةُ ثلاثة أشياء سارت على ما يرام، أو كان المرءُ راضياً عنها، في نهاية كلِّ يوم.


لا يقدِّر النَّاسُ دائماً ما لديهم من طاقات. ولذلك، يجب النظرُ إلى النصف الممتلئ من الكوب بدلاً من نصفه الفارغ. وهذا يتطلَّب تحوُّلاً في منظورأولئك الذين هم أكثر تشاؤماً في العادة.


ويمكن تحقيقُ ذلك في الواقع؛ فمن خلال بذل جهدٍ واعٍ، يمكن تدريبُ النفس لتكونَ أكثرَ إيجابيةً عن الحياة، حيث إنَّ المشاكلَ كثيراً ما تكون مسألةَ منظور. وإذا قام المرءُ بتَغيير المنظور الخاص به، قد يرى وَضعَه وحالته من وجهة نظرٍ أكثر إيجابية.


10. تقبُّلُ الأشياء التي قد لا تتغيَّر


ليس من الممكن دائماً تغييرُ وضعٍ صعب؛ فإذا ثبتَ أنَّ هذه هي الحال، فإنَّ الاعترافَ بذلك، وقبول الأشياء كما هي، والتَّركيز على ما يقوم به الشخص، كلُّ ذلك يجعله يسيطر عليها.


إذا كانت الشركة، على سبيل المثال، تسير إلى الوراء وتتَّصف بالروتين، فلا يوجد شيءٌ يمكن القيام به حيالَ ذلك. وليست هناك جدوى من محاربته. وفي مثل هذه الحالة، يحتاج الرءُ إلى التَّركيز على الأمور التي يمكن التحكُّم بها، مثل البحث عن وظيفةٍ جديدة.




Share Button

أهم عشر نصائح للتغلب على التوتر النفسي

Sunday, June 23, 2013

بيت الزرافات

بيت الزرافات


بيت الزّرافات


 


يُحكى أنّ زرافةً غنيةً كانت، لسوء الحظ، تميل إلى الكسل وتحبّ الراحة وتكره العمل.


 


نادت أم الزّرافة زوجها: يا أبا زرافة!


 


أجاب الزوج: نعم، نعم، ماذا تريدين؟


 


قالت الأم: ابنتك زرافة كسلانة.


 


قال الأب: أعرف، أعرف.


 


أجابت الأم: نحن إذا تركناها على هذه الحال، اعتادت الكسل وشبّت تكره العمل. وفي هذا كما تعلم يا زوجي العزيز ضرر عليها الآن وفي المستقبل.


 


نعم قال الأب. ما العمل؟ ما العمل إذن يا زوجتي العزيزة؟


 


ردّت الأم: تكلّم معها، أفهمها.


 


قال الأب: هذا دورك أنتِ. هذا دوركِ يا زوجتي. أنتِ تعرفين أنّني إذا نبّهتها ولم تعمل بما أطلبه إليها تعرّضت للإهانة والضّرب، فلا تُدخليني في هذا الموضوع.


 


حسناً قالت الأم. أنا أتحدّث إليها. (تنادي): زرافة! زرافة! أين أنتِ يا ابنتي؟


 


صاحت زرافة: نعم يا أمي.


 


أجابت الأم: أنا أبحث عنكِ يا حبيبتي.


 


نعم. ماذا تريدين؟


 


أنت الآن يا ابنتي أصبحتِ كبيرة تقوين على العمل، فاعملي أيّ شيء تحبّينه حتى تعتادي العمل من الصّغر.


 


أجابت زرافة: لكن يا أمي أرجوك! أرجوك أن تعفيني من العمل الآن، واسمحي لي بالذهاب إلى الحديقة والتّمتع بمناظرها الجميلة بعض الوقت.


 


قالت الأم: أه يا زرافة! أنتِ زرافة غريبة الأطوار حقًا!


 


أرجوك يا أمي. غضّي الطرف عن مطلبك ودعيني أذهب إلى الحديقة، وأعدك أن أفكّر بشيءٍ أعمله.


 


حسنًا يا زرافة! اذهبي وعودي بعد قليلٍ.


 


ذهبت الزرافة إلى الحديقة فرأت طائرًا أحمر اللّون، فقالت له: مرحبًا أيها الطائر الأحمر! أليس لك عمل تعمله؟ هل كلّ ما تفكر فيه أن تأكل البندق من الصباح إلى المساء؟


 


أجابها الطائر: أتظنّين يا آنسة زرافة أنني لا أعمل الآن؟ لا، لا، لا. أنتِ مُخطئة، فأنا أعمل دائما، ولا أنقطع يومًا عن العمل. فكيف أتهاون وأتكاسل وعندي أسرة كبيرة أعيلها وأجمع قوتها الذي يكفيها طوال الشّتاء.


 


ولكن ماذا تفعل الآن؟ قل لي؟ قالت الزرافة.


 


أنا الآن أجمع قوتي وقوت أسرتي.


 


هذا شيء حسن، أجابت الزرافة.


 


إلى اللقاء يا آنسة زرافة.


 


مع السلامة، (لوحدها): يا له من طائرٍ نشيطٍ، هه..


 


فلأنطلق في الحديقة وأغنّي مع الطّيور.


 


فسمعت الزرافة أصوات طيورٍ ونحلٍ، فقالت: ما هذا؟ إنّها لا شك نحلة. (تنادي) يا نحلة، هيه أنتِ يا نحلة.


 


ماذا تريدين يا زرافة؟


 


أخبريني هل عندك أيّ عملٍ تقومين به؟


 


نعم قالت النحلة. عندي أعمال كثيرة في الحقيقة، فأنا أطير من زهرةٍ إلى زهرةٍ وأجمع رحيق هذه الأزهار، وأُخرِجُ منه طعامًا لذيذًا لصغار النّحل وللناس أيضًا.


 


وما هو هذا الطعام الذي تخرجينه يا نحلة؟ سألت الزرافة.


 


أجابت النّحلة: ألا تعرفين ما أنتجُ؟


 


لا، قالت الزّرافة.


 


إنّه العسل! ألم تذوقي العسل، عسل النّحل، من قبل؟


 


آه! صحيح. أهذه أنت التي تنتج لنا هذا العسل؟


 


نعم، نعم. قالت النحلة. لا تؤاخذيني يا عزيزتي، يجب أن أنطلق إلى العمل، فأنا مشغولة جدًا جدًا، بالإذن. أرجو عدم المؤاخذة لأنّي سأتركك.


 


مع السّلامة يا نحلة.


 


وقالت الزرافة لنفسها: ما أنشطها من نحلةٍ! إنّها عاملة عظيمة. ثم سمعَت صوتًا يُنادي: زرافة! زرافة!


 


مَن؟ مَن يناديني؟


 


هذه أنا! النّملة..


 


حسنًا، لكنّي لا أراك، أين أنتِ؟


 


أنا تحت، على الأرض، قرب قدميك. أناديك حتى تنتبهي إليّ ولا تدوسيني.


 


وماذا تفعلين يا نملة الآن؟ أراك تحملين حملاً ثقيلاً. أليس ثقيلاً هذا الحِمل؟


 


نعم. نعم، ولكنّه عَمَلي.


 


أتركي حملك الآن، وتعالي إلعبي معي وارتاحي.


 


لماذا أرتاح؟ أنا مسرورة جدًا لحصولي على هذا الطعام مهما يُكلّفني من المشقّة والتعب، وليس عندي وقت للّهو واللّعب بما لا يفيد.


 


صاحت زرافة: هه! هذا أمر غريب حقًا! نملةٌ ولا تحبّ اللّعب؟!


 


فأجابت النملة: اتركيني أرجوك! فقد داس رجلٌ قاسي القلب مسكننا ومأوانا وخرّبه وأصبحنا في حالةٍ يُرثَى لها. ولكنّنا… اسمعيني جيدًا.


 


قالت زرافة: ماذا أسمع؟


 


فقالت النملة: …ولكننا قرّرنا ألا نستسلم لليأس، وعزمنا على البحث عن مسكنٍ آخر آمنٍ نستريح فيه. ولذلك لا تؤاخذيني إن أنا لم أقبل دعوتك للعب، فعندي أعمال كثيرة تنتظرني ويجب أن أنجزها. إلى اللقاء يا زرافة.


 


أجابت الزرافة وقالت: مع السلامة. (لنفسها): يا لها من نملةٍ! إنّها تسير في دربها نحو عملها. كلّ مَن رأيتُ اليوم مُنهمك في عمله، وكلّ واحد منهم يلقي عليّ درسًا بليغًا: الطائر الأحمر والنحلة والنملة وكل المخلوقات. كلّها تعمل وتعمل إلاّ أنا! أنا الزّرافة الطريفة الحلوة لا أعمل شيئًا!


 


كانت زهرةُ قرنفلٍ تنظر إلى الزرافة، فصاحت هذه الأخيرة: زهرة القرنفل! زهرة القرنفل!


 


قالت الزهرة: نعم، ما بك يا زرافة؟


 


عندي سؤال لك يا زهرة!


 


ما هو سؤالك يا زرافة؟


 


قالت: هل تعملين أنتِ أيّتها الزهرة الجميلة؟


 


قالت زهرة مُتعجّبة: أنا؟


 


نعم أنتِ! هل تعملين؟


 


نعم طبعًا أعمل، وأعمل كثيرًا! فأنا أجمع في الصباح أشعة الشمس وأحتفظ بها في أوراقي. وإنّ جذوري تمتدّ في الأرض تطلب الغذاء والماء. إنّ كل جزءٍ من أجزائي يعمل يا زرافة!


 


قالت الزرافة: إذن، لماذا لا أعمل أنا؟


 


لماذا تسألين يا زرافة؟ اذهبي واعملي الآن؟


 


حالاً، حالاً أنا ذاهبة.


 


سمعت الزرافة صوت أبيها وأمها يضحكان، فقالت: أمّي، أبي، أين أنتما؟


 


قالت الأم: هذا صوت زرافة!


 


وقال الأب: ها! ما بها زرافة؟


 


صاحت الأم: إنّها تنادينا.


 


أمي! أبي! أمي!


 


ما بك يا عزيزتي؟


 


أمي العزيزة! أبي العزيز! لقد فهمتُ فائدة العمل. عرفتُ أنّه سلاح فعّال لِمَن يريد الحياة. أنا أعتذر عن كسلي في الماضي، ومُستعدّة لأن أعمل ما تأمراني به.


 


هذا خبر مُفرح حقًا، قالت الأم. أمّا الأب فقال: أنا سعيد جدًا لمعرفتك هذه الحقيقة يا ابنتي!


 


وَدَعتها أمّها: يا حبيبتي! تعالي ساعديني في ترتيب البيت وطبخ الطعام.


 


هيّا يا أمي! وأنا على أتمّ استعدادٍ، وسأبقى هكذا دائمًا.


 



Share Button

بيت الزرافات

عاقبة المكر

زعموا أن رجلين اشتركا في تجارة، وكان سامي مكّارا. وسافرا معا ذات يوم. وبينما كانا في الطريق تخلّف ماهر ليقضي بعض أموره، فوجد كيسا فيه ألف دينار فأخذه. فأحسّ به سامي.


ورجعا إلى بلدهما. ولما اقتربا من المدينة، قعدا لاقتسام المال فقال ماهر: خذ نصفه وأعطني نصفه. وكان سامي قد قرر في نفسه أن يأخذ الدنانير كلها، فقال لماهر:


لا نقتسم، لكن نتقاسم بعضاً منها وندفن الباقي عند جذور هذه الشجرة، فهو مكان أمين. وإذا احتجنا أنا وأنت نأخذ حاجتنا منه، ولا يعلم بموضعه أحد.


أخذ كل منهما مبلغاً قليلاً ودفنا الباقي عند جذر الشجرة. ودخلا البلد. ثم إن سامي تسلل إلى الدنانير فأخذها وسوّى الأرض كما كانت. وجاء ماهر بعد ذلك بأشهر فقال لسامي:


قد احتجت إلى مال، فتعال معي لنأخذ حاجتنا. فقام معه سامي، وذهبا إلى المكان، فحفرا فلم يجدا شيئا، فصار ماهر يبكي ويضرب وجهه ويقول: ” لقد سبقتني إلى الدنانير فأخذتها .


” فجعل سامي يحلف ويلعن آخذها. وماهر يزداد بكاؤه وقال: ما أخذها غيرك!


ترافعا إلى القاضي، وقصّا عليه قصتهما، فادّعى سامي أن ماهراً أخذها، وأنكر ماهر ذلك. فسأل القاضي سامياً: هل لك على نكرانك دليل؟


قال: نعم: الشجرة التي كانت الدنانير عندها تشهد لي أن المغفل أخذها. وكان سامي قد أمر أباه أن يذهب فتوارى في جوف الشجرة، بحيث إذا سئلت أجاب. فذهب أبو سامي ودخل واختبأ في جوف الشجرة.


ولمّا سمع القاضي ذلك من سامي، نظر إليه بتقدير، وانطلق هو وأصحابه وسامي وماهر معه، حتى وصلوا إلى مكان الشجرة. فسألها القاضي عن الخبر، فقال الشيخ من جوفها: نعم، ماهر أخذها.


اشتدّ تعجّب القاضي، ودعا إلى جمع حطب، وأمر أن تحرق الشجرة، فأشعلت حولها النيران. استغاث أبو سامي عند ذلك، فأخرج وقد أشرف على الهلاك. فسأله القاضي عن القصة، فأخبره بالحقيقة. فضرب سامي وأباه، وحكم بأن تؤخذ الدنانير من سامي وتعطى إلى ماهر.
 


 



Share Button

عاقبة المكر

Wednesday, June 19, 2013

العصفور عصفر

العصفور عصفر


هذا هو العصفور الصّغير عَصفر، وهو يعيش فوق نافذة الحمّام، وراء إطارها الخارجي، في عشٍ دافئٍ من القش والزّغب والورق،


وغير ذلك من الأشياء النّاعمة، ولم يكن قد حاول أن يطير بعد، ولكنه كان يخفق بجناحيه، ويطلّ برأسه من العش كثيرًا.


 


قال عصفر: أوه، كم أحبّ أن أتعرّف إلى دنيا الله الواسعة لأرى ما فيها.


 


قالت الأم لنفسها: أنا تركتُ صغيري في العشّ، يجب أن أذهب إليه حالاً.


 


عصفر: أمي.. أمي.. أريد أن أخرج مثلك وأطير.


 


الأمّ، تضحك: أتسمعون ما يقول؟ إنّه يريد أن يطير.


 


عصفر يُزقزق.


 


خاطبته الأم: تعال يا صغيري، تعال. افتح فمّك لأزقّ لك لقمةً يا صغيري.


 


ما هذه يا أمي؟


 


هذه دودة يا صغيري! خُذ، كُلها. كم فتّشت حتى جئتك بها!


 


شكرًا، شكرًا يا أمّي. (يحاول أن يقول شيئًا)…


 


نعم يا عصفر؟


 


متى أطير مثلك يا أمي؟


 


حين يصبح جناحاك قوييّن.


 


أنظري! أنظري يا أمي! أنا أطلّ برأسي إلى الخارج!


 


احذر يا عصفر! لا تطلّ برأسك إلى الخارج!


 


لماذا يا أمي؟


 


لئلا تقع.


 


أقع. كيف أقع؟ ما معنى أقع؟


 


تسقط على الأرض فتتأذّى وتتألّم.


 


أنا لا أقع.


 


بلى! تقع وتأتي الهرّة فتأكلك! تلتهمك فورًا!


 


تأكلني الهرة؟


 


نعم.


 


ما هي الهرة يا أمي؟


 


حيوان يعيش في المنازل، هَمّه أن يلتقط العصافير وخاصّةً الصّغيرة منها.


 


يأكلني أنا؟


 


نعم! ولذلك أقول لك: لا تفكّر يا عصفر بالخروج من العش إلاّ بعد أن تصبح قادرًا على استعمال جناحيك لتطير بهما بعيدًا عن كلّ أذى.


 


ولكنّني أحبّ أن أطير مثلك يا أمي!


 


انتظر يا صغيري! فمَع الأيّام ستنمو وتكبر، وتصبح مثلي قادرًا على الطّيران والتّحليق.


 


هَه! أنظري! إنّني أحرّك جَناحي بقوّةٍ. هَه!


 


لا، لا، لا، هذا لا يكفي. لا تفكّر الآن في هذا الأمر، بل ابق في العشّ، لا تخرج منه. أنا سأعلّمك الطّيران حين تصبح قويًا. فهمت؟


نعم يا أمي.


 


سمع عصفر صوت ريح عاصفة فخاف وقال: ما هذا يا أمي؟


 


احتَمِ بي يا صغيري! شدّ نفسك إليّ! ابقَ إلى جانبي!


 


ما هذا يا أمي؟ لماذا؟


 


هذه هي الرّيح يا صغيري تهبّ علينا، وأن لم تخبّئ نفسك في داخل العش فإنّها ستحملك وتلقي بك إلى الأرض، فتأتي الهرّة وتأكلك يا حبيبي.


 


أه! لماذا تتحرّك الأشجار؟ لماذا تهتزّ؟ لماذا لا تتوقّف عن الإهتزاز؟ فتتوقّف الريح وأرتاح!


 


لا يا صغيري! لا! الرّيح تهبّ فتهز الأشجار وتهزّنا كلّنا!


 


لا، لا. قولي للريح أن تتوقف يا أمي! إنّها تزعجني!


 


لا، لا يا عصفر! أنا لا أستطيع أن أفعل شيئًا مع الرّيح. إنّها هي التي تعصف بنا وتهزّنا!


 


مرّ في تلك اللحظة فلاّح راجع من عمله إلى بيته. فنظر عصفر إليه، وقال: أمي! أمي! أنظري! هذا ليس له جناحان؟ إنّ الهرّة أمسكت به وقصّت له جناحيه!


 


ضحكت أمّه وقالت: هذا إنسان يا عَصفر! والإنسان ليس له جناحان مثلنا!


 


لماذا يا أمي؟


 


الإنسان يعيش بلا أجنحة، فهو يسير على رجليه.


 


لماذا ليس له أجنحة؟


 


قالت الأم لنفسها: إنّه يحرجني بأسئلته، ولا أجد له جوابًا مُقنعًا!


 


سأل عصفر مِن جديد: لم تخبريني يا أمّي.. لماذا ليس للإنسان جناحان؟


 


الأمّ، مُحاولةً الإجابة: آه.. صحيح.. لو كان له جناحان لطار إلينا واصطادنا، كما أصطاد أنا وأبوك الحشرات لإطعامك!


 


غريب! قال الصغير مُتعجبًا! لا بدّ أن يكون للجميع أجنحة مثلنا! ربّما الحياة على الأرض أسوأ منها في الجوّ! أنا حين أصبح كبيرًا، سأجعل الجميع يطيرون مثلي تمامًا. هكذا.. هَه.. أنا يا للأسف لا أستطيع الطّيران بعد!..


 


جلس عَصفر على حافّة العش، وجعل ينشد أشعارًا من تأليفه وتلحينه، بأعلى صوته، صوت زقزقة: مسكين! مسكين الإنسان! يمشي على رجليه، ولا أجنحةً له، وأنا الفرخ الصّغير غدًا أطير لأبحث عن طعامي وآكله لأصبح مثل العصفور الكبير.


 


وراح عصفر يردّد أغنيته ويكرّرها، ويتحمّس لها، ويرفرف بجناحيه، ثم صاح: أنا أطير! أنا أطير! أنظروا… آه! آه! لا أستطيع أن أرتفع! أنا أسقط! أنقذوني.. أنقذوني..


 


سقط عصفر من العش على الأرض، ولحقت به أمّه العصفورة، ولكن يا للواقعة! القطّة الحمراء ذات العينين الخضراوين كانت له بالمرصاد. نشر عصفر جناحيه ووقف يرتعد أمام القطة ويقول: أ.. أ.. أنا عصفر، تشرّفت بمعرفتك .. ليَ الشّرف، أنتِ الهرة.. أليس كذلك؟


 


صَرخت الأم خائفة: عصفر! عصفر! ابتعد عنها! أنا سأطير حولك وأدفعك بعيدًا عنها! فهمتَ؟ ابتعد عنها.. واتركني أتدبّر أمري مع الهرة!


ماذا ستفعلين بها؟


 


لا عليك! ابتعد عنها! حاول أن تطير! رفرف بجناحيك وطر! طر إلى الشباك. عُد إلى عشّك. أنا سأنقر الهرة في عينيها وألهيها عنك وعنّي.


ومن شدة خوف عصفر، خفق بجناحيه.. وطار وحطّ على النافذة.


 


صاحت الأم: عصفر! عصفر! لقد نجوتَ يا حبيبي! ونجوتُ أنا أيضًا!


 


أمّي! أمي! ما أقواك يا أمي!


 


وأقبلت الأم إليه بمنتهى السعادة، ولكن القطة كانت قد قطعت لها ذيلها!


 


ها! لقد قطعت القطة ذيلك بسببي يا امي . بسببي يا أمي أنا (بتأثّر).. بسبب جَهلي..


 


قالت الأم: من أجلك يا صغيري كلّ شيء يهون!


 


على كل حال.. تعلّمتُ يا أمي!


 


صحيح! المرء لا يتعلّم كل شيء دفعةً واحدةً.


 


سأكون حذرًا في المستقبل حتّى لا أقع ولا أتورّط ولا أورّطك!


 


عافاك يا عصفر!


 


وفيما كانت الأم تحضن صغيرها كانت القطة تموء وتقول: عصفور ناعم صغير، ولكنّني لم أتمكّن من أن أمسك به!


 


أرأيت ما كانت تريد القطة منك؟ الحمد لله سلمت أنتَ ولم أصب أنا بأذى كبيرٍ! قالت الام.


 



Share Button

العصفور عصفر

طرفة

طرفة


خرج أعرابي قد ولاّه الحجّاج بعض النواحي فأقام بها مدةً طويلةً. فلمّا كان في بعض الأيام، وَرَدَ عليه أعرابيٌّ من حَيّه فقدّم له الطّعام وكان إذ ذاك جائعًا، فسأله عن أهله وقال: ما حال ابني عُمَير؟


 


قال: على ما تحبّ قد ملأ الأرض والحيّ رجالاً ونساءً.


 


قال: فمَا فَعَلَت أم عُمَير؟


 


قال: صالحة أيضًا.


 


قال: فما حال الدّار؟ قال: عامرةً بأهلها. قال: وكلبنا أيقاع؟ قال: قد ملأ الحيّ نباحًا. قال: فما حال جَملي زريق؟ قال: على ما يسرّك.


 


التفتَ عندها إلى خادمه وقال: إرفع الطّعام. فرفعه ولم يسمع الأعرابي. ثم أقبل عليه يسأله، وقال: يا مبارك النّاصية، أعد عليّ ما ذكرت. قال: سل ما بدا لك. قال: فما حال كلبي أيقاع؟ قال: مات. قال: وما الذي أماته؟ قال: اختنق بعظمةٍ من عظام جَمَلك زريق، فمات. قال: أَوَمات جملي زريق؟ قال: نعم. قال: ما الذي أماته؟ قال: كثرة نقل الماء إلى قبر أم عُمير. قال: أَوَماتت أم عمير؟ قال نعم! قال: وما الذي أماتها؟


 


قال: كثرة بكائها على عُمير. قال: أَوَمات عُمير؟


 


قال: نعم. قال: وما الذي أماته؟ قال: سَقَطَت عليه الدّار.


 


قال: أَوَسقطت الدّار؟


 


قال: نعم. فقام له بالعصا ضاربًا فولّى هاربًا!


 


 



Share Button

طرفة

Tuesday, June 18, 2013

بائع الصحف

بائع الصحف


في مدينة كمدينتنا، ما أكثر ألوان الحياة، حيث يلتقي الفقر بالغنى، والجمال بالقبح، وسرعة الزمان ببطئه .


 


في مدينة كهذه المدينة شارع طويل، يقف عند زاوية من زواياه صبيّ لم يبلغ العاشرة من عمره، يبيع كل صباح الصحف التي تصدر من مطابع المدينة.


 


كان هذا الصبي حاد الذكاء، طيّب القلب، دافئ اللسان. غالبا ما يمر قبل وقوفه عند زاوية الشارع بأبواب البيوت، ويضع عند قبضة مفتاحها الجريدة، ثم يعود عند المساء ليأخذ ثمنها من صاحب كل بيت.


 


كانت كل صباح تمر من قرب بائع الصحف فتاة حسناء فتشتري منه صحيفة وتدفع له ثمنها وتكمل الطريق .


 


وجاء يوم لم تقع الحسناء على أي أثر لبائع الصحف الصغير. ففكرت أول الأمر أنه قد يكون وجد مكانا أفضل من هذا المكان ليبيع الصحف فيزداد ربحه ويأمن شر الجوع.


 


ولكن أي مكان أفضل من هذا المكان؟ فهو طالما أخبرها أن هذه الزاوية من الشارع أفضل مكان لبيع الصحف في المدينة.


 


إن في الأمر سر إذن! ربما يكون الصبي قد مرض، أو ربما يكون أخوه الصغير قد أصابه ضرر. وكان الصبي قد أخبرها يوما عندما طلبت منه أن يرافقها إلى بيتها حاملا معها بعض الحاجيات التي أحضرتها من السوق، أن والديه متوفيان وأن له أخ أصغر منه يرسله إلى المدرسة، وهو الذي يؤمن له كل شيء من أقساط وثياب وطعام وملابس وكتب. وباتت هذه الفتاة الحسناء تمر يوماً بعد يوم بهذه الزاوية علها تجد بائع الصحف الصبي، ولكن عبثا…..


 


وفي مساء يوم بينما كانت واقفة وراء نافذتها تشاهد الغيوم وهي تتلبّد في السماء، والليل قد حل، انهمر المطر بغزارة. وكان للبرق ضوء يخطف الأنظار وللرعد صوت يصمّ الآذان. وإذا بريح هوجاء تهبّ، فتجعل الأشجار تنحني والأشياء الخفيفة الصغيرة في الشارع تتطاير. فخطر ببالها ذلك الصبي، بائع الصحف، فتمنّت لو أنها تعرف أين يسكن. وراحت تمر في خاطرها صور حزينة تتصور من خلالها أنه مريض هو وشقيقه الصغير، وأن لا أحد لديهما يساعدهما. فما شعرت إلا ودمعة حارة سقطت من بين أجفانها وراحت تنساب على خدها بهدوء.


 


تساءلت الفتاة بصمت: ولكن ما تفيد هذه الدمعة؟ إنها لا تقدم شيئا لهذا الصبي ولا لأخيه الصغير. فلا يكفي أن نحزن لمصير الناس وإنما يجب أن نساعدهم. وقرّرت أن تفتش عن كوخ بائع الصحف وفي أي حي يقع، وأي طريق يجب أن تسلك وهل تستطيع أن تبدأ الآن في غمرة هذه العتمة وهذا المطر الغزير أم الأفضل أن تنتظر إلى الغد؟


 


غير أنها قررت أن تبدأ فوراً وقالت لنفسها: يجب أن أبدأ، فإن أول الخيط في يدي. فلقد أخبرها يوما أنه يقطن في حي يقع غربي المدينة حيث تكثر الأكواخ والبيوت التي تعيش فيها العائلات الفقيرة، وأن الصنوبرة الكبيرة هناك غالبا ما كانت مسرحا للعبه وهو صغير.


 


ارتدت معطفها ونزلت إلى الشارع يرافقها شقيقها الأكبر، ومضيا في سيارة من البيت إلى الحي الذي يسكن فيه بائع الصحف. وما إن وصلا حتى بدآ يبحثان عن الصنوبرة الكبيرة. وما إن وجداها حتى سألا عن بائع صحف صبي له أخ صغير… فكان أن دلّهما أحد الشيوخ على كوخ هو بيت بائع الصحف. وأسرعا إلى الكوخ ودقّا على الباب، ثم دخلا.


 


ويا للمفاجأة! بائع الصحف قابع في الزاوية وأخوه قربه نائم في فراش بال، وقد لفّه بثياب لم يعد يعرف لونها.


 


شده بائع الصحف لرؤية الفتاة الحسناء. وإذا بعينيه تتساقط منها دموع كثيرة. فقالت الفتاة : “هل أخوك مريض؟ “


 


أشاح بوجهه عنها وغرق في البكاء. وعرفت الفتاة أن الصغير مريض… فطلبت من أخيها أن يحمل الصغير، وقالت للبائع أن يرافقها إلى منزلها حيث يمكنه الاعتناء بأخيه حتى يشفى من هذه الحمّى التي ألمت به.


 


نهض بائع الصحف ململماً نفسه في حزن ورافق الفتاة الحسناء إلى السيارة التي أوصلتهم إلى منزلها. وهناك عرف الدفء لأول مرة في حياته.


 


مرت أيام قلائل وإذا بالصغير يشفى من الحمّى وتعيده الفتاة الحسناء إلى المدرسة.


 


أما بائع الصحف فقد عاد إلى عمله عند تلك الزاوية من شارع المدينة . إلا أنه لن يعود بعد ذلك إلى الكوخ، فلقد قدّمت له الفتاة الحسناء غرفة صغيرة في منزلها.


 


وها هو كل مساء يذهب إلى مدرسة مسائية ليتعلم كيف يواجه الحياة، وليتعلم من خلال بيع الصحف كم هو بحاجة ماسّة أن يكون متعلماً… وغالبا ما كان يردد بفخر: ليس هناك مهنة غير شريفة، بل هناك أناس غير شرفاء .


 


 



Share Button

بائع الصحف

Sunday, June 16, 2013

أمانة تاجر

أمانة تاجر


كانت بغداد مدينة عظيمة، يُحمل إليها كل طريف من نتاج العقول، ومن ثمرات الأرض، وتنصبّ فيها الخيرات والتحف وكل ما هو جميل.


 


وكان في بغداد تاجر من تجار الكرز، على الضفة الغربية من دجلة، يعامل الخراسانيين. فكان يفد عليه كل سنة في موسم الحج تاجر كبير من أهل خراسان بتجارة عظيمة يبيعها له، وكان يعامله بصدق وأمانة، فيربح ألوفا من الدنانير يعيش بها إلى الموسم القادم.


 


انقطع هذا الخراساني سنة، ولم يحضر مع الحجّاج، فأثر ذلك في حال التاجر البغدادي. ولم يحضر في السنة التي بعدها، وامتد انقطاعه سنين، فأفلس التاجر البغدادي وأغلق دكانه وتوارى عن الناس، وبقي هو وأهله في ضيق من أمرهم.


 


خرج التاجر هائما على وجهه حتى وصل إلى نهر دجلة، وكان يوماً حاراً، ولم يكن أحد هناك. فنزع ثيابه ونزل إلى النهر وقد وسوس إليه الشيطان أن يقتل نفسه. ثمّ تذكّر أن الانتحار عمل لا يقبله المؤمن، فغيّر رأيه، واستغفر الله ممّا فكّر فيه. وفيما هو يخرج من الماء تعثر بكومة رمل، انكشفت من تحتها قطعة جلد مدفونة في الأرض. فما زال يحفر من حولها ويسحبها، حتى أخرجها، فإذا هي كمر، فأخفاه تحت ثيابه وجاء به الدار، ففتحه فإذا فيه ألف دينار من ذهب.


 


فقال يا ربّ! إني محتاج إلى هذا المال وسآخذه، ولك علي متى أصلحت حالي، بحثت عن صاحبه ورددت إليه ماله. وأخذ المال واحتفظ بالزنّار، ووفى ديونه وعاد ففتح دكانه. ومرّت أيام طويلة وهو يبحث عن صاحب الزنار ولم يعثر عليه.


 


وفي ليلة باردة ممطرة من ليالي الشتاء، وكان به صداع لا يستطيع النوم، سمع من الطريق صراخا وبكاء، فنظر فإذا برجل يبكي ويلطم وجهه ويصيح. فسأله عمّا به . فأجاب: “صحن فيه حلبة مغلية وزيت، سقط وانكسر”.


 


قال: هل هذه الضجّة كلها من أجل حلبة وزيت ما تساوي فلسين؟


 


فأزداد الرجل بكاء وقال: “والله ما أبكي لفلسين، ولكن زوجتي تضع مولوداً ، وليس معنا شيء. وإن لم تأكل فستموت. والله والله… لقد حججت سنة كذا، فضاع منى زنّار فيه ألف دينار وجواهر، فما بكيت، واحتسبته عند الله. وأنا الآن أبكي من أجل فلسين. فلا يغترّ أحد بالغنى ولا يهزأ أحد بالفقر. فربما افتقر الغني، وأثرى الفقير”.


 


قال: ” صف لي زنّارك”.


 


فقال له: يا رجل أتركني وحالي. أتسخر مني وأنت ترى ما أنا فيه من الفقر والآلام والقيام في المطر؟


 


ومشى وهو يتّجه بقلبه إلى الله وحده، يرجو منه الفرج. وشعر التاجر بقوة خفيّة تدفعه ليلحق بالرجل، فركض وراءه وقال له :” قف”، فحسبه سيعطيه شيئا فوقف. فلما وصل إليه قال له: “صف لي زنّارك”. فوصف له. فعرفه أنه ذاته الخراساني الذي كان يتعامل معه. فسأله: أين امرأتك؟ فأخبره عن مكانها في الفندق. فبعث من جاء بها، وأدخلها إلى أهله، وأحضر لها القابلة، وعني بها، وأدخل الرجل الحمّام وبدّل ملابسه.


 


وخشي أن يفاجئه بالزنّار وأن يعرّفه بنفسه حتى لا يقتله الفرح. وصار يقدم له كل يوم عشرة دنانير من ذهب، والرجل متعجّب من هذا الكرم. ولمّا انقضت أيام قال له: قصّ عليّ قصتك.


 


فقال: كنت في نعمة واسعة ومال كثير. وكنت أحج كل سنة وأجيء بتجارة عظيمة أعود بها بأرباح طائلة. فجاء لي أمير بلدي في إحدى السنين وقال: ” إنك معروف بالأمانة، وأعهد إليك بأمر لا يقوم به غيرك. عندي قطعة ياقوت لا مثيل لها، وليس هناك من يشتريها أو يعرف قدرها، ولا تصلح إلا للخليفة، فخذها معك فبعها لي في بغداد” . جعلتها في زنّار صفته كذا وكذا وجعلت معها ألف دينار وربطته في وسطي. فلمّا جئت بغداد نزلت أسبح في الجزيرة عند سوق يحيى وتركت الزنار مع ثيابي بحيث أراهما. فلما صعدت وقد غربت الشمس، لبست ثيابي ونسيت الزنار، ولم أتذكره إلا في اليوم التالي فذهبت لأحضره فلم أجده، وكأن الأرض ابتلعته. فهوّنت المصيبة على نفسي وقلت: أنا رجل غني، ولعلّ قيمة الحجر خمسة آلاف دينار أؤديها من مالي.


 


ولمّا قضيت حجي وعدت إلى بلدي. خبّرت الأمير بما حدث وعرضت عليه خمسة آلف دينار، فطمع وقال: الحجر يساوي أربعين ألف دينار.


 


بعت أملاكي وتجارتي وأثاث بيتي، ولم أتخلص منه. ثم قبض علي وأنزل بي صنوف المكاره، وحبسني سبع سنين، كل يوم منها بسنة حتى تمنيت الموت. ثم تشفع بي آهل بلدي فأطلقني. فصرت أرحل مع القوافل أنا وزوجتي أسأل الناس بعد الغنى واليسر. فلما كانت الليلة، أتاها الوضع في خان خرب، وما معي إلا فلسان وما معنا أحد، فقالت: يا رجل، الساعة تخرج روحي، فاذهب وهيئ لي شيئا أتقوّى به. فخرجت ووجدت بقالا عطف علي، ففتح دكانه وأعطاني ما كان في الصحن.


 


فقال التاجر البغدادي: ” إن الله فرّج عنك وقد انتهت محنتك، فتمالك ولا تضطرب، فإني مخبرك بأمر عجيب. ولكن أنظر إلي، أما تعرفني”؟


 


قال، لا.


 


فقال التاجر: أنا عميلك الذي كان يبيع تجارتك.


 


فنظر إليه ووثب يعانقه ويشكر له فضله.


 


قال: لا تشكرني. فأنا الذي يجب أن أشكرك. فقد أحياني الله بسببك. وسيحييك بسببي، وما أعطيتك من الدنانير ليس من مالي بل من مالك، فإن لك عندي ألف دينار.


 


قال: ومن أين جاء ذلك الدين؟


 


قال: إني وجدت زنارك بعينه. وجاء بكيس فيه ألف دينار.


 


فرح الرجل وبرقت عيناه وسأل: هل الزنار نفسه عندك؟


 


قال: نعم.


 


فشهق شهقة بدا كأن روحه خرجت معها، وخرّ ساجدا لله، ثم رفع رأسه وقال: هاته. فجاءه به، وطلب سكينا. فأعطاه السكين. فخرق جلد الزنار واستخرج منه حجر ياقوت أحمر شعاعه قوي جدا، وترك الدنانير ومشى وهو يدعو لي.


 


قلت: خذ دنانيرك.


 


فحلف ألاّ يأخذ منها شيئا إلا ثمن ناقة ونفقات السفر. فألحّ عليه التاجر، فأخذ ثلاثمائة دينار وسامحه بالباقي.


 


وفي السنة التالية جاء على عادته، وقد أعاد الحجر إلى الأمير واستعان عليه بوجوه البلد، فخجل ورد إليه ماله كله وعوّضه وعاش الجميع بالمسرات. وكان ذلك بفضل الصدق في المعاملة، والإخلاص في الدعاء، وصحة التوجه إلى الله عند الشدائد.



Share Button

أمانة تاجر

Saturday, June 15, 2013

مثل الذّئب والغراب وابن آوى مع الجمل والأسد

مثل الذّئب والغراب وابن آوى مع الجمل والأسد


كان أسد في الغابة مُجاورًا لأحد الطّرق المسلوكة. وكان له أصحاب ثلاثة: ذئب وغراب وابن آوى. ومرّ رعاة بذلك الطّريق ومعهم جِمال. فتأخّر منها جمل ودخل الغابة حتّى وصل إلى الأسد. فقال له الأسد:


مِن أين جئتَ؟ فأخبره. قال: فيما حاجتك؟ قال: ما يأمرني به الملك. قال: تقيم عندنا في السعة والأمن والخصب. فبقي عنده زمنًا طويلاً.


 


مضى الأسد في أحد الأيّام لطلب الصّيد، فلقي فيلاً عظيمًا، فقاتله قتالاً شديدًا وأفلت منه وقد أوهنته الجراح وأضعفته. ولم يكد يصل إلى مكانه حتّى جلس لا يستطيع حراكًا، وحُرِمَ طلب الصّيد.


 


بقي الذّئب والغراب وابن آوى أيّامًا لا يجدون طعامًا لأنهم كانوا يأكلون من فضلات الأسد. فجاعوا وأصابهم الهزال. وقال لهم الأسد: لقد جعتم وصرتم بحاجةٍ إلى ما تأكلون.


 


فقالوا له: لا تهمّنا أنفسنا لكننا نرى الملك على هذه الحال، ونتمنّى أن يجد ما يأكله.


 


خرج الذّئب والغراب وابن آوى من عند الأسد وائتمروا في ما بينهم، وقالوا: ما لنا ولآكل العشب هذا الذي ليس شأنه من شأننا، ولا رأيه من رأينا! ألا نُزيّن للأسد أمره فيأكله ويطعمنا من لحمه؟


 


قال ابن آوى: لا نستطيع أن نذكر هذا للأسد.. لأنه قد أمّن الجمل على نفسه.


 


قال الغراب: أنّا أكفيكم الأسد.


 


ودخل على الأسد، فسأله: هل اصطدتُم شيئًا؟ قال الغراب: إنّما يصطاد مَن يسعى ويبصر. ونحن لا سعي لنا ولا بصر من الجوع. لكن قد وُفّقنا لرأيٍ اجتمعنا عليه، فإنّ وافقنا الملك فنحن له مُجيبون.


قال الأسد: وما ذاك؟


قال الغراب: هذا الجمل آكل العشب الذي يعيش بيننا من غير منفعةٍ لنا منه، ولا عمل له تعود علينا منه مصلحة..


 


فلمّا سمع الأسد ذلك غضب وقال: ما أبعدك عن الوفاء والرّحمة! لم يكن يصحّ منك أن تقول هذا مع أنّك تعلم أنّي أمّنت الجمل وجعلت له من ذمّتي، ولن أغدر به!


 


قال الغراب: إنّي أعرف ما يقول الملك. ولكن النّفس الواحدة يُفتدى بها أهل البيت. وأهل البيت يفتدى بهم القبيلة. والقبيلة يفتدى بها أهل المصر. وأهل المصر فدى الملك. وقد نَزِلَت بالملك حاجة، وأنا أجعل له من ذمّته مخرجًا..


فنحن سنحتال على الجمل بحيلةٍ، لنا وللملك فيها صلاح وظفر. فسكت الأسد عن جواب الغراب عند هذا الخطاب.


 


فلمّا عرف الغراب إقرار الأسد أتى صاحبيه، فقال لهما: قد كلّمت الأسد في أكل الجمل، على أن نجتمع نحن والجمل لدى حضرته. فنذكر ما أصابه ونتوجّع له اهتمامًا منّا بأمره، ويعرض كلّ


واحد منا نفسه، فيردّه الآخران، ويُسفّهُ كلّ منهما رأيه، ويبين الضّرر في أكله. فإذا فعلنا ذلك سَلِمنا ورضي الأسد عنّا.


 


ففعلوا ذلك، وتقدّموا إلى الأسد، فقال الغُراب: قد احتجتَ أيها الملك إلى ما يُقويّك، ونحن أحقّ أن نهب أنفسنا لك، فإنا لك نعيش. فإذا هلكت فليس لأحدٍ بقاء بعدك، ولا لنا في الحياة من خيرةٍ. فليأكلني الملك، فأنا


راض بذلك! فأجابه الذّئب وابن آوى: أسكت، فليس خير للملك في أكلك، وليس فيك شبع. قال ابن آوى: لكن أنا أشبع الملك. فليأكلني، فأنا راضٍ بذلك! فردّ عليه الذّئب والغراب بقولهما: إنّك منتن قذرٌ.


 


قال الذّئب: أنا لستُ كذلك، فليأكلني الملك، فأنا راضٍ، مُخلص النّية والضمير. فاعترضه الغراب وابن آوى وقالا: قد قالت الأطباء: مَن أراد أن يقتل نفسه فليأكل لحم ذئب.


 


فظن الجمل أنّه إذا عرض نفسه على الأكل، التمسوا له عذرًا كما التمس بعضهم لبعضٍ، فيسلم، ويرضى الأسد عنه.


 


فقال: لكن أنا فيّ للملك شبع وريّ، ولحمي طيّب هنيّ، وبطني نظيف، فليأكلني الملك ويطعم أصحابه وحشمه. فقد رضيتُ بهذا عن طيب خاطر.


 


فقال الذئب والغراب وابن آوى: لقد صدق الجمل وتكرّم، وقال ما درى!


 


ثم إنّهم وَثَبوا عليه ومزّقوه.



Share Button

مثل الذّئب والغراب وابن آوى مع الجمل والأسد

Friday, June 14, 2013

العنقود الذهبي

العنقود الذهبي



كان لرجلٍ سبع بناتٍ. ولما أراد أن يحجّ، جمع بناته حوله، فطلبت كلّ منهن أن يحضر لها الهدية التي ترغب فيها. لكنه استغرب عندما طلبت إليه الصّغرى عنقود عنب مصوغًا من الذّهب.


 


توجّه الرجل إلى بيت الله الحرام ولما انتهى من أداء فريضة الحج، اشترى لبناته السّت ما طلبنه، ونسيَ أن يشتري هدية الصغرى منهن.


وعندما ركب السّفينة الراسية على شاطئ البحر عائدًا إلى بلاده، لم تتحرّك السفينة وبقيت في مكانها.


 


طلب الرّبان إلى الحجاج الراكبين معه أن يتذكّروا أمرًا نسوه. فالسّفينة لا تتوقف هكذا إلاّ إذا كان أحد الحجّاج قد نسي شيئًا ما. وهنا تذكّر الأب ما أوصته به بنته الصغرى، فقال: نسيتُ هدية بنتي الصّغرى، وهي عنقود عنبٍ مصوغ من الذّهب.


 


ظهر عندها مارد أسود طويل قرب السفينة، فخاف الحجّاج والرّبان، لكن المارد طمأنهم. وكان يحمل في يده عنقود عنبٍ، يعكس بريقهُ ذهبٌ خالصٌ، واتّجه نحو الأب قائلاً: هذا ما طلبته بنتك الصّغرى.


 


استغرب الأب، لكن المارد خاطبه: أيّها الحاج، هل تأخذ هذا العنقود مقابل أن تتزوّجني بنتك الصّغرى؟


 


ارتعب الحاج ورفض العرض. لكن السّفينة ظلت واقفةً في مكانها لا تتحرّك. فألح بقية الحجاج ليوافق على طلب المارد، وإلا تأخّروا عن العودة إلى الوطن.


 


اضطرّ الأب إلى الموافقة، وهو غير راضٍ. وسأل المارد عن الطريقة التي سيتمّ بها الزواج، فأجابه المارد: ضع ابنتك فوق سطح البيت عند عودتك بكامل زينتها وسأخطفها.


 


عاد الأب مُحمّلا بهداياه، وَبِهَمٍ ثقيلٍ على قلبه. وقد فرحت البنت الصغرى بهديتها عندما تسلّمتها. لكنها لمحت الدموع تنهمر من عينيّ أبيها، فاستغربت وسألته عن السرّ.


 


حكى الأب القصة لإبنته، فطمأنته، وبدت راضيةً بما قسمه الله لها. وتزيّنت زينة العرائس، فبدت في غاية الجمال، وراحت تبتسم وأبوها وأخواتها يذرفون الدّموع.


 


صعدت البنت الصغرى إلى سطح الدار في تلك الليلة الحالكة، وفجأةً ظهر المارد، وكان له جناحان عظيمان هذه المرّة، فحملها على أحد جناحيه، ووضع أمتعتها وما جلبته معها على جناحه الثاني، وطار إلى حيث لا تدري. وفجأةً، حط المارد في قصرٍ فخمٍ واسع الأنحاء. وكان في القصر سبع غرفٍ، تقع كلّ واحدةٍ منها داخل الأخرى، وتنتهي بغرفةٍ مقفلةٍ.


 


كان المارد يدلّها على ما في البيت من أسرارٍ. فتح لها كلّ الأبواب، ورأت كل الأشياء، إلاّ ما هو في الغرفة السّابعة. فتساءلت عن سرّ بقاء الغرفة السّابعة مُقفلة.


 


قال لها المارد إنّ بإمكانها أن تفعل كلّ شيء إلا فتح الغرفة السّابعة، فهي سرّ يجب أن يظل مُغلقًا.


 


لم تهتم البنت للغرفة السّابعة أوّل الأمر. لكنها في الأيام التالية ظلت تتساءل: “لماذا هذه الغرفة مُغلقة؟ ما هو سرها؟ وقد زادت من حيرتها أنّ المارد كان يخاطبها على أنّها سيدته، لا زوجته. كما أنّها لاحظت أن هذا المارد يحضّر لها كلّ مساء ليمونةً. وبمجرّد أن تتناولها تروح في نومٍ عميقٍ، لا تحسّ بعده بشيءٍ، ولا تستيقظ إلاّ فجر اليوم التالي. وزادت حيرتها حين أحسّت أنها ستصبح أمًا، وأنّ في بطنها جنينًا لا تدري مَن هو أبوه، فقرّرت أن تَطّلع على السّر مهما كان الثمن.


 


تأهّبت المرأة لإستقبال ليلةٍ حاسمةٍ. فأحضرت ليمونةً غير تلك اللّيمونة التي يحضرها المارد. وتظاهرت أمامه بأنّها تناولت اللّيمونة التي جلبها لها. ولم يلاحظ المارد شيئًا.


 


انطلت على المارد حيلة المرأة التي تظاهرت بالنّوم، حتى ذهب إلى فراشه، واستغرق في نومٍ عميقٍ. فلاحظت سلسلة مفاتيحٍ يحملها في عنقه، ونجحت في أخذها.


 


ذهبت إلى الغرفة المُغلقة، وأخذت تجرّب كل المفاتيح، حتى تمكّنت من فتح الباب المُغلَق. ودهشت كثيرًا عندما رأت شابًا جميلاً ينام في سريرٍ في وسط الغرفة.


 


كان الشاب عاري الصّدر، وفي وسط صدره لاحظت شيئا يشبه القفل، فجرّبت أن تفتحه بمفتاحٍ صغيرٍ، فانفتح. ووجدت نفسها أمام عالمٍ سحريٍ مليء بلعب الأطفال وملابسهم. وأحسّت حينذاك أنّ هذا الشاب الراقد في السرير هو زوجها مِن غير أن يستيقظ. لكنّ الشاب أحس بها، فهَبّ واقفًا، وأبدى دهشته لوجود زوجته معه. فصرخ بها: لماذا فعلتِ هذا؟ ألم ينهك المارد عنه؟


 


توسّلت إليه الزوجة، وطلبت أن يسامحها، لكنّه ظلّ غاضبًا ونادى المارد ووبّخه، وأمره بأن يلقي بها في أرضٍ بعيدةٍ، ليس فيها إنس ولا جان.


 


نفّذ المارد رغبة سيّده، فوجدت الفتاة نفسها وحيدةً، وأخذت تسير على غير هدًى طوال النهار وهي تبكي. وعندما جاء الليل رأت أنوارًا تتلألأ من بعيدٍ، فأسرعت نحوها على الرغم من تعبها الشديد. فصلت إلى قصرٍ عامرٍ، فجلست أمام بابه، وطرقته بضعفٍ شديدٍ. رحّب بها أهل الدار وقدّموا لها الطعام، فأحسّت بشيءٍ من الرّاحة.


 


وفي سكون اللّيل، بعد أن ذهبوا للنوم، سمعت حوارًا يدور بين أخٍ وأخته. كان الأخ يأخذ رأي أخته صاحبة الدار بخصوص زوجته التي فضحت سرّه وعصت أمره. وعرفت الفتاة أن الأخ هو زوجها، وانتظرت ردّ شقيقته بفزعٍ. وممّا أكّد مخاوفها أنّ الأخت طلبت إلى أخيها أن يسلّمها هذه الزوجة العاصية كي تعاقبها.


 


عندما سمعت الفتاة هذا الكلام، خرجت بسرعةٍ من غير أن يحسّ بها أحد، وظلّت تمشي وتمشي. ولمّا حل مساء اليوم التالي، لاحت لها أنوار أخرى، ووجدت نفسها أمام قصرٍ استقبلها أهله بترحابٍ.


 


وفي جوف اللّيل سمعت زوجها يحدّث أخته بالكلام السابق ذاته. وعرفت أنّ هذه أخت زوجها الثّانية. فهربت ووصلت إلى قصرٍ ثالثٍ، دخلته وسمعت صوت زوجها في الليل، يحدّث أخته الصّغرى بقصّة زوجته.


 


أرادت الفتاة أن تهرب، لكنّها سمعت الأخت الصغرى تلوم أخاها وتلقي الذّنب عليه وتعطي الحق، كلّ الحق للزوجة، فهي لم تفعل ذلك إلاّ عندما أحسّت بأن زوجها يخفي عنها أسراره، ويكتم ما في صدره. ولهذا اقتحمت الغرفة، فلو لم تفعل ذلك، لَبَقِيَت في حيرةٍ، لا تعرفُ مَن هو زوجها. أهو المارد أم هو مجهول؟


 


تسلّلت كلماتُ الأخت الصغرى إلى قلب أخيها الشاب، ورقّ قلبه لزوجته. وكان يعلم بوجودها في بيت أخته، ويعلمُ أنّها تستمع إليه، فدخل عليها حيث كانت جالسةً، وعانقها واعتذر إليها.


 


وعاش معها في قصر أخته الصّغرى سعيدًا مُنتظرًا المولود الجديد.


 



Share Button

العنقود الذهبي

البئر العجيبة

البئر العجيبة


 


يحكى أنه كان لامرأة بنتان، أحداهما دائمة العمل والابتسام، واسمها ” أمينة “، والثانية دائمة الغضب والصياح، اسمها ” جميلة “. وكانت أمينة المبتسمة النشيطة تساعد أمها دائماً في كل عمل. أما جميلة العابسة، فكانت كسولة تتهرب من أي عمل.


 


كانت أمينة تحلب الأبقار وتنظف البيت وتصنع الزبدة والجبن وتخبز الخبز وتغزل الصوف. أما جميلة فلم تكن تحلب أو تنظف أو تغزل أو تقوم بأي عمل. وإذا ذهبت أمينة إلى السوق أو إلى المدينة المجاورة لشراء بعض حاجات المنزل من طعام أو أدوات، كانت جميلة تترك البيت من غير تنظيف، ووعاء الخبز فارغاً.


 


وذات صباح، توجهت أمينة المبتسمة إلى البئر لإحضار ماء بالدلو وركعت على حافة البئر، ومالت بجسمها فوق فتحتها لتسحب الدلو إلى خارجها، لكنها مالت بجسمها أكثر مما يجب ففقدت توازنها، وسقطت في البئر. وأخذت تسقط وتسقط إلى أسفل وأسفل. فقدت المسكينة وعيها. فلما أفاقت وجدت نفسها راقدة فوق حشائش خضراء يانعة في حديقة واسعة، تغمرها أشعة الشمس المشرقة، وتمتلئ بآلاف الورود الحمراء. وكم دهشت أمينة عندما وجدت دلو الماء ممتلئا بجوارها.


 


وقفت الفتاة ونفضت العشب عن ثيابها، فشاهدت ممراً وسط الورود والحشائش. وقبل أن تخطو خطوة باتجاه الممر، سمعت الورد الأحمر يناديها ويقول: ” انتظري… العطش يقتلنا والماء بجوارك… امنحينا الحياة برش الماء علينا.”


 


 


تلفتت أمينة حولها، فوجدت الحديقة تمتلئ بآلاف الورود الحمراء، ومع ذلك لم تتردد في أن تستجيب لدعوة الورد الظمآن. رفعت الفتاة الدلو وأخذت تملأ كفيها بالماء وترشه على الزهور الحمراء. وتنتقل مبتسمة من مكان إلى مكان تروي ذلك العدد الهائل من الورد الأحمر.


 


وأخيرا فرغ الدلو من الماء، لكنها كانت قد منحت الماء لكل أزهار الحديقة. وعادت تتابع السير في الممر الذي كانت قد رأته، فسمعت الورد الأحمر يضحك ويقول: “ليجعل الله لوني الأحمر في وجنتيك ولا يجعله في عينيك!!”


 


سألت أمينة نفسها في حيرة: ” إلى أين سيؤدي بي السير في هذا الطريق؟ ” وفجأة رأت فرناً تشتعل النار في أسفله، وفي أعلاه عدد كبير من أرغفة الخبز الناضجة. ودهشت الفتاة إذ لم تجد أحدا بجوار الفرن … وزادت دهشتها عندما نادتها الأرغفة من داخل الفرن في رجاء: ” نرجوك … أخرجينا من هنا، وإلاّ احترقنا تماماً… لقد نضجنا من زمن طويل.”


 


عندئذ تقدمت الفتاة المبتسمة من الفرن وأمسكت بقضيب من الحديد وجدته بجواره، وأخرجت الخبز رغيفا بعد رغيف. ثم استأنفت سيرها.


 


عندئذ همس الفرن:” ليجعل الله لون قلب الخبز الأبيض في بشرتك ولا يجعله في شعرك. “


 


واصلت الفتاة سيرها، إلى أن مرت بشجرة برتقال امتلأت أغصانها بالبرتقال الأصفر الكبير. ودهشت الفتاة لهذا العدد الكبير من البرتقال الناضج، وزادت دهشتها عندما نادتها شجرة البرتقال قائلة : ” أرجوك … هزّيني .. هزّي أغصاني من فضلك.. لقد نضج برتقالي من زمن طويل، وسيفسد إذا ظل فوق أغصاني.. “


 


لم تتردد الفتاة المبتسمة، وهزت الشجرة، فتساقط البرتقال كالسيل. ثم استأنفت سيرها والشجرة تهمس : ” ليجعل الله لون برتقالي الأصفر في شعرك ولا يجعله في بشرتك.”


 


استأنفت الأخت المبتسمة سيرها، إلى أن وصلت إلى منزل صغير غريب الشكل تغطّي جُدُرَه مربعاتٌ بيضاء وسوداء، وقد أطلّت من إحدى نوافذه امرأة عجوز قبيحة الشكل. وعندما تطلعت أمينة إلى أعلى ورأت المرأة العجوز، ملأ الخوف قلبها، وأخذت تجري. لكن العجوز نادتها بصوت لطيف: ” لا تخافي يا ابنتي العزيزة. أدخلي منزلي، وتعالي نتحدث معا.”


 


ورغم القبح الذي كان عليه وجه العجوز، فقد بدت ملامحها بشوشة وصوتها يفيض طيبة ورقة، فزال خوف الفتاة، ودخلت المنزل. وعرضت العجوز على أمينة المبتسمة أن تعيش معها في منزلها وقالت لها: ” يمكنك أن تساعديني في أعمال البيت، واذا وجدت منك المعونة الصادقة، سأعاملك كأنك ابنتي الحقيقية.”


 


وافقت الأخت المبتسمة على أن تبقى في منزل السيدة العجوز.


 


قالت السيدة العجوز: ” يمكنك أن تقومي بكل أعمال المنزل. فإذا قمت بها بطريقة ترضيني فستجدين عندي كل ما تحتاجين إليه. وأهمّ ما أوصيك به أن تعتني بفراشي عناية خاصة. إن عظامي هشة رقيقة، وإذا لم يكن الفراش ليّنا مستوياً، فسيؤلمني جسمي ولن أستطيع النوم.”


 


أقبلت أمينة على العمل بأمانة وإخلاص بعد أن أحست بعطف السيدة العجوز وطيبتها وحلاوة حديثها. وأدّت الفتاة كل أعمال المنزل برضا وإتقان، خاصة تسوية سرير السيدة العجوز.


 


أعجبت السيدة العجوز بالطريقة التي كانت تسوّي بها الفتاة المبتسمة سريرها، كما أعجبتها طريقة الفتاة في القيام بكل أعمال المنزل, فعاملتها بكل حب وحنان، وأعطتها كل ما تريد.


 


هكذا عاشت أمينة أياماً سعيدة، ولم تسمع خلالها كلمة قاسية. ولكن بعد فترة من هذه الحياة الهانئة، أحست الفتاة بحنين إلى أسرتها وبيتها، فشعرت بالحزن والاكتئاب.


 


ورغم الفارق الكبير بين الحياة المريحة التي منحتها كل أسباب السعادة في بيت العجوز، وبين الحياة القاسية في بيت أمها، فقد ذهبت إلى السيدة العجوز وقالت لها: ” لقد لقيت منك كل معاملة طيبة أثناء إقامتي هنا. لقد عاملتني كأنني ابنتك، لكنني أشعر بحنين شديد إلى أمي وأختي، لذلك أرجوك أن تسمحي لي بالعودة إلى أهلي.”


 


قالت السيدة العجوز: ” يسرني أنك ترغبين في العودة إلى أهلك يا أمينة! أيتها الفتاة المبتسمة . إن هذا وفاء منك لهم. وما أجمل الوفاء للأهل والأصدقاء. كما كنت وفية لي وأمينة على خدمتي… هيا تعالي معي.”


 


أمسكت العجوز بيد أمينة وقادتها إلى المكان الذي وجدت فيه الفتاة نفسها بعد أن سقطت في البئر. والتفتت العجوز ناحية البئر وقالت: ” يا بئر … يا بئر .. اجعليها تلبس الذهب الكثير. يا بئر… يا بئر… اجعليها تلبس الحرير الكثير.”


 


وما إن قالت العجوز هذه الكلمات حتى وجدت الفتاة نفسها ترتدي ملابس فاخرة من الحرير الغالي، وانهمر فوقها سيل من قطع النقود الذهبية، التصقت بكل أجزاء الملابس الحريرية الفاخرة حتى غطّى الذهب الفتاة من قمة رأسها حتى أطراف قدميها.


 


قالت السيدة العجوز: ” هذا الذهب كله لك، خذيه معك. فهو المكافأة التي تستحقينها مقابل عملك معي ومساعدتك لي.”


 


وفجأة اختفت العجوز، ووجدت أمينة نفسها في الطريق بالقرب من دار أهلها. وما إن بلغت فناء البيت حتى رأت الديك يقف على السور. وعندما رأى الفتاة المبتسمة يغطيها الذهب، وقد أحمرّ خدّاها وابيضت بشرتها وأصفرّ شعر رأسها، صفّق بجناحيه وصاح : ” كوكو … كوكو .. لقد عادت إلينا فتاتنا الذهبية.”


 


دخلت أمينة إلى أمها وأختها وأخذت تحكي لهما ما حدث لها، وقالت: ” لقد عشت في بيت سيدة عجوز، عاملتني بكل حب وحنان. لقد اعتبرتني كابنتها. إن كل هذه القطع الذهبية هي مكافأتي على الخدمات التي قدمتها إليها. خذي يا أمي كل هذا الذهب وسنعيش به سعداء معاً.


 


عندما سمعت جميلة، الأخت العابسة قصة أختها، ورأت الثروة العظيمة التي عادت بها، أرادت أن يكون لها مثلها، وشجعتها الأم قائلة :” اذهبي أنت أيضا يا جميلة لتعودي بالذهب.”


 


انطلقت جميلة العابسة، وجرت إلى حافة البئر، ثم قفزت داخلها وحدث لجميلة ما حدث لأمينة. فعندما فتحت جميلة عينيها، وجدت نفسها فوق حشائش الحديقة الواسعة وسط الورد الأحمر وبجوارها دلو الماء. وكانت تريد أن تصل بأقصى سرعة إلى منزل السيدة العجوز، لكنها مع ذلك سمعت الورد الأحمر يطلب منها أن ترشه بالماء. وتلفتت جميلة حولها وعبست ثم قالت :” كيف أستطيع أن أروي كل هذا العدد الضخم من الورد؟ هذا عمل شاق يستغرق مني وقتا طويلا، وأنا أريد أن أصل بسرعة إلى بيت السيدة العجوز.” وتركت الماء في الدلو وتركت الورد الأحمر يعاني العطش والذبول، وهرولت في الطريق إلى منزل السيدة العجوز. فهمس الورد الأحمر خلفها قائلا :” ليجعل الله لوني الأحمر في عينيك ولا يجعله في وجنتيك.”


 


وصلت جميلة إلى الفرن، وسمعت الخبز يناديها راجياً إياها أن تخرجه قبل أن يحترق، ولكن جميلة قالت في عبوس: ” أخاف أن تحترق أصابعي أو تتسخ ملابسي.” وتركت الخبز يحترق في الفرن . فهمس الفرن خلفها: “ليجعل الله قلب الخبز الأبيض في شعرك ولا يجعله في بشرتك” .


 


وعندما قابلت شجرة البرتقال وسمعتها تقول: “من فضلك هزّيني.” استمرت جميلة في سيرها وهي تقول عابسة: ” سوف يقع البرتقال فوق رأسي ويؤلمني”. وتركت البرتقال يفسد فوق الشجرة. وهمست الشجرة خلفها:” ليجعل الله لون برتقالي الأصفر في بشرتك ولا يجعله في شعرك”.


 


وصلت جميلة العابسة إلى بيت السيدة العجوز، لكنها لم تشعر بأي خوف عندما وجدتها تطل من النافذة. فدعت العجوز جميلة العابسة أن تعيش معها وتساعدها، ووعدت الفتاة بأن تساعد العجوز، لكن أفكارها كانت منصرفة إلى قطع الذهب التي ستنالها في مقابل عملها.


 


أطلعت العجوز جميلة على كل ما يجب أن تعمله في المنزل. وفي اليوم الأول استجابت جميلة لطلبات السيدة العجوز، مدفوعة بأمل الحصول على الذهب الكثير، وقامت بتسوية الفراش كما يجب.


 


لكن في اليوم التالي، أخذت تتكاسل وتهمل في واجباتها، وتتظاهر بأنها تقوم بإعداد الفراش من غير أن تفعل شيئاً حقيقياً.


 


وفي اليوم الثالث، لم تعد تتظاهر بالعمل، بل استيقظت متأخرة، ثم بحثت عن مكان تختفي فيه عن بصر السيدة العجوز لتفكر في الذهب، ونسيت العمل. فنادتها السيدة العجوز وسألتها عن سبب امتناعها عن العمل، فعبست جميلة وقالت: ” لماذا تطلبين مني أن أعمل؟ إن فراشك ليّن ومريح، فما الداعي لأن أقوم بتسويته كل يوم؟ والبيت لا تظهر فيه القذارة، فلماذا أنظفه؟ سأستريح اليوم من العمل.. “


 


وعندما ذهبت السيدة العجوز إلى غرفة جميلة، وجدتها مستلقية في كسل على فراشها، فقالت لها: ” انهضي أيتها الفتاة، اليوم تعودين إلى منزلك”.


 


لم تكن جميلة تريد أن تسمع إلا هذه العبارة، فقالت في نفسها: ” سأحصل الآن على الذهب”.


 


أمسكت العجوز بيد الفتاة العابسة، وقادتها إلى جوار البئر وقالت: ” يا بئر… يا بئر… اجعليها تلبس الحبر الكثير … يا بئر … يا بئر … اجعليها تلبس الخيش الكثير.”


 


وما إن قالت العجوز هذه الكلمات حتى وجدت نفسها ترتدي ملابس خشنة من الخيش القاتم، وقد انهمر فوقها سيل من صبغة سوداء التصقت بشعرها وكل جسمها وملابسها.


 


وقالت السيدة العجوز: ” هذه الصبغة السوداء هي المكافأة التي تستحقينها مقابل عملك معي ومساعدتك لي”. وفجأة اختفت العجوز، ووجدت الفتاة نفسها في الطريق بالقرب من دارها. وعلى سور فناء البيت شاهد الديك الفتاة العابسة حمراء العينين، بيضاء الشعر، صفراء الوجه، تغطّيها الصبغة السوداء. فصفق بجناحيه وصاح: كو كو. لقد عادت إلينا فتاتنا السوداء.”


 


وظلت البقع السوداء عالقة بالفتاة العابسة الكسولة إلى أن تعلمت كيف تتخلى عن الكسل والعبوس. لكنها لم تتعلم إلا بعد سنوات طويلة….



Share Button

البئر العجيبة